للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُبَّةٌ هرويَّة مرقوعةٌ، فقال: هذا بيتي، وهذه جبَّتي، ليس لي غيرهما، قال: وتحته مِسْحٌ على باريَّة.

وبلغ أبا جعفر بن سليمان (١) فقال: الحمدُ لله الَّذي ابتلاه بفقر نفسه مع اتِّساع ملكه.

وحكى المدائنيُّ قال: ماتَ إسحاق بن مسلم من بثرةٍ خرجتْ في ظهره، فشيَّع أبو جعفر جنازَته، وحمل سريره، وصلى عليه، وجلس عند قبره، فقال له موسى بن كعب: أتفعلُ هذا وقد كان مبغضًا لك كارهًا لخلافتك، فقال: ما فعلت هذا إلَّا شكرًا لله تعالى حيثُ قدَّمه أمامي، قال: أفلا أخبرُ أهل خراسان بهذا، فقد دخلتهم وَحْشةٌ؟ قال: بلى، فأخبرهم، فكبَّروا.

وحكى المدائني قال: نظرَ أبو جعفر إلى بعض القضاة وبين عينيه أثرُ السجود، فقال: لئن كنت أردتَ بهذا وجهَ الله، فما ينبغي لنا أن نشغلكَ عنه، وإنْ كنت إنَّما أردتنا به، فينبغي أن نحترزَ منك، وعزلَه.

وقال المدائني أيضًا: أتي أبو جعفر برجلٍ، فأمرَ بقتله، وعنده عمرو بن عبيد، فقال عمرو: حدثني الحسن البصري عن أنس قال. قال رسول الله ﷺ: "ينادي غدًا يوم القيامة منادٍ بين يدي الله تعالى: من كانت له يدٌ عند الله فليقم، فلا يقومن إلَّا من عفا". فقال له أبو جعفر: أنت سمعتَ هذا من الحسن، قال: نعم. فأطلقَه (٢).

ذكر وفاته:

واختلفوا في سببها على قولين:

أحدهما: أنَّه كان كثير الأكل ولا يستمرئُ طعامًا، ويشكو ذلك إلى الأطباء، و [يسألهم أن] (٣) يعملوا له الجوارشنات برأيه لا برأيهم، وكانوا يأمرونه بتقليلِ


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ٨١: محمد بن جعفر.
(٢) أورد الخبر الغزالي في الإحياء، وفيه: سوار بن عبد الله، بدل: عمرو بن عبيد. والخبر فيه عن الحسن مرسلًا.
وأخرج الحديث البيهقي في شعب الإيمان (٧٩٧٧) (طبعة مكتبة الرشد) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا.
قال البيهقي: تفرد به عمر بن راشد.
(٣) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٥٩، والمنتظم ٨/ ٢١٩.