للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة الخامسةُ والستون بعد المئة

فيها جهَّز المهديُّ ابنَه هارونَ إلى الصائفة في بلاد الرومِ غازيًا في جمادى الآخرة، وضمَّ إليه الربيعَ مولاه، فأَوغل فيها، وسار هارونُ في نيِّف وتسعين ألفًا ومعه الخزائنُ والأموال والعُدَد، وكان في خزائنه من الدراهم أَحدٌ وعشرون ألفَ ألفِ درهم وأربعُ مئةِ ألفٍ وزيادة، ومن الذهب مئةُ ألفٍ وسبعٌ وسبعون (١) ألفَ دينارٍ وزيادة، فأَناخ على خليج القُسْطَنطينية وصاحبتُها يومئذٍ امرأةُ أَليون، ولها ابنٌ صغير من أليون، ومات وهو في حجرها، فأَقام هارونُ يَسبي ويقتل، فقتل من الرُّوم نيِّفًا وخمسين ألفًا، وغنم من الدوابِّ عشرين ألفًا، وذبح من البقر والغنمِ مئةَ ألفِ رأس، فأَرسلت إليه المرأةُ تطلب الصلح، فصالحها وشرط عليها في كل سنةٍ سبعين ألفَ دينارٍ وما تيسَّر من العُروض والأُسارى، وأن تُقيمَ لهم الأَدلَّاء؛ فإنهم كانوا قد أَوغلوا في المضائق، ففعلت. ورجع هارونُ غانمًا سالمًا، وبيع البِرذونُ بدرهم، والبغلُ بعشرة دراهم (٢)، والدّرعُ بأقلَّ من درهم، وعشرون سيفًا بدرهم.

فقال مروانُ بن أبي حفصة: [من الطويل]

أَطفتَ بقُسطنطينة الرُّومِ مُسْنِدَّا … إليها القَنَا حتى اكتسى الذِّلَّ (٣) سورُها

وما رِمتَها حتى أَتتك ملوكُها … بجِزيتها والحربُ تَغلي قدورها

وفيها عزل المهديُّ خلفَ (٤) بن عبدِ الله عن الرَّي وولَّى عيسى مولى المنصور (٥).

وتزوَّج هارونُ زبيدةَ بنتَ جعفرٍ وبنى بها. وحجَّ بالناس صالحُ بن المنصور.

وفي هذه السَّنةِ توفي


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ١٥٢: وأربعة وتسعين، وفي المنتظم ٨/ ٢٧٧، والكامل ٦/ ٦٦: وثلاثة وتسعين.
(٢) في تاريخ الطبري: بأقل من عشرة دراهم.
(٣) الذلّ: اللين، وهو ضد الصعوبة. مختار الصحاح (ذلل). والبيتان في الديوان ص ٦٠.
(٤) في (خ): خالد، والتصويب من تاريخ الطبري ٨/ ١٥٣، والمنتظم ٨/ ٢٧٨، والكامل ٦/ ٦٧.
(٥) في المصادر: مولى جعفر.