للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتجدَّد عليه المصائبُ كلَّ يوم! فخرَّ عقبةُ مغشيًّا عليه. قال: وقيل له: دلَّنا على رجلٍ نجلس إليه، فقال: تلك ضالَّة لا توجَد.

ذِكْر وفاتِه وما يتعلَّق بها:

روى أبو نُعيمٍ (١) عن حفص بنِ عمرَ الجُعفي قال: اشتكى داودُ أيامًا، وكان سبب علَّته أنه مرَّ بآية فيها ذِكرُ النار، فكرَّرها مرارًا في الليلة فأَصبح مريضًا، فوجدوه قد مات ورأسُه على لَبِنة. وفي روايةٍ (٢) أنَّه نزع نزعًا شديدًا.

وقال حمَّاد بنُ أبي حنيفة: رأى رجلٌ في منامه في الليلة التي مات فيها داودُ أن داودَ يعدو وهو مكشوفُ الرأس، فقال له: إلى أين؟ فقال: الآن تخلَّصتُ من السجن. فانتبه الرجلُ وقد ارتفع الصُّراخ بموت داود.

وقد ذكرنا أنَّ ابنَ سعدٍ قال: مات سنةَ خمسٍ وستِّين. وقال الهيثم: سنةَ ستٍّ وستّين ومئة. وقيل: سنةَ ستِّين ومئة.

ذِكر ثناء العلماء عليه:

قد ذكرنا أن سفيانَ الثوريَّ كان إذا ذُكر عنده داودُ يقول: أَبصر الطائيُّ أمرَه. وقال ابنُ المبارك: وهل الأمرُ إلَّا ما كان عليه داود. وحكى الخطيبُ (٣) عن محارِب بن دِثارٍ أنَّه كان يقول: لو كان في الأُمم الماضيةِ مثلُ داود، لقَصَّر اللهُ علينا خبرَه.

وقال عبدُ العزيزِ بن محمد: رأيتُ داودَ الطائيَّ في المنام على المنبر والناسُ حوله، وفي روايه: رأيتُ في المنام قائلا يقول: مَن يحضر؟ فقلت: أنا، فقال: اسمع كلامَ ذاك العالمِ الذي يخطب ويُخبر عن أعلى المراتبِ ومنازلِ الأولياء. قال: فنظرتُ فإذا داودُ الطائي، ففهمت كلامَه: [من البسيط]

ما نال عبدٌ من الرحمن في منزلةً … أعلى من الشَّوق إن الشَّوقَ محمودُ (٤)

وروى الخطيبُ عن إسحاقَ بن منصورٍ قال: لَمَا مات داودُ الطائي شيَّع الناس


(١) في الحلية ٧/ ٣٤٠.
(٢) هي في الحلية ٧/ ٣٤١.
(٣) في تاريخه ٩/ ٣١٨.
(٤) حلية الأولياء ٧/ ٣٦٠.