للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنازته، فلما دُفن قام ابن السَّماك على قبره فقال: يا داود، كنت تُسهر نومَك إذا الناسُ [ينامون، فقال القومُ جميعًا: صدقت. وكنت تربح إذا الناسُ] (١) يَخسرون، فقال الناسُ جميعًا: صدقت، حتى عدَّد فضائلَه كلَّها. فلمَّا فرغ قام أبو بكرٍ النَّهْشلي، فحمد الله، ثم قال: يا ربّ، إن الناسَ قالوا ما عندهم ومبلغَ ما علموا، اللهمَّ فاغفر لداودَ ولا تكِلْه إلى عمله. فكان (٢) قولُ النهشليِّ أعجبَ إلى الناس من قول ابنِ السمَّاك.

أسند داودُ عن جماعةٍ من التابعين، منهم: أبو حنيفة، والأَعمش، وعبدُ الملك بن عُمَير، وحبيبُ بن أبي عَمرة، وحُميدٌ الطويل، وغيرُهم، ومات بالكوفة. انتهت ترجمتُه.

عبدُ الرحمن بنُ ثابت بن ثَوبان

أبو عبدِ الله العَنْسيُّ الدمشقي. ذكره ابنُ سعدٍ في الطبقة الخامسةِ من أهل الشام (٣).

وكان من الأَبدال، مجابَ الدَّعوة، إذا رأته السِّباعُ خضعت بين يديه.

وقد حكى الحافظُ ابن عساكرٍ عنه حكايةً عجيبة رواها عن محمدِ بن حسَّان الجبلي، قال: كان ابنُ ثوبانَ يسكن صَيدا بساحل دمشق، حمل يومًا غِرارةَ قمحٍ على حمارةٍ له، وخرج من صيدا فأَلقاها في الطاحون، وترك الحمارةَ ترعى في المَرْج، فجاء السَّبُعُ فافترس الحمارة، فرأى السبعَ قد افترسها، فصاح به: يا كلب، أَكلتَ حمارتي! تعال فاحمل دقيقَنا، فجاء السَّبعُ فأَلقى على ظهره الغِرارةَ وحملها إلى صيدا، فلمَّا وصل إلى بابها صاح به: قِفْ، فوقف، فأَلقى الغِرارةَ عن ظهره وقال: اذهب يا كلبُ لئلّا يفزعَ الصبيانُ منك، فذهب.

وحكى أيضًا (٤) عن ابن ثوبانَ أنه دخل على المهديِّ فأَغلظ له في الكلام، فغضب المهديُّ وقال له: يا ابنَ ثَوبان، واللهِ لو كان المنصورُ حيًّا لما أَقالكَها، فقال له: لا تقلْ هذا، فواللهِ لو كُشف لك عنه حتى يُخبرَك بما عاينَ وما لقي لَما جلستَ مجلسَك


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٩/ ٣٢٠.
(٢) قوله: فكان قول … ، ليس في تاريخ بغداد.
(٣) لم نجده في طبقاته.
(٤) في تاريخه ٩/ ٨٩٣ - ٨٩٤ (مخطوط). والخبر الأول لم نجده.