للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشيءٍ نسيئة، فقلت:

فلا نحن نخشى أن يَخيبَ مسيرُنا … إليك ولكنْ أَهنأُ البِرِّ عاجلُهْ

فقال المهديّ: عجِّلوها له، فحُملت إليَّ من وقتي.

وكان المهديُّ يحتجب أولَ خلافته، فأنشده سَلْمٌ الخاسر: [من مخلع البسيط]

مَن راقب النَّاسَ مات غمًّا … وفاز باللذَّة الجَسورُ (١)

فظهر لنُدَمائه. وكان يقول بعد ذلك: إنما اللذَّة في مشاهدتها وإدراكِ الحواسِّ إياها، أما مِن وراءَ فليس لها معنى.

وكان المهديُّ يشعر، ومن شعره: [من الوافر]

أَرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ … ولكنْ لا سبيلَ إلى الورودِ

أَراح اللهُ من جسدي ثيابي … وعجَّلني إلى دار الخلود

أَمَا يكفيكِ أنَّك تملكيني … وأنَّ النَّاس كلَّهمُ عبيدي

وأنكِ لو قَطَعتِ نياطَ قلبي … لَقلتُ من الهوى أحسنتِ (٢) زيدي

وقيل: إنَّها لابنه هارونَ الرشيد (٣).

وله: [من مجزوء الرمل]

أفِّ للدنيا وللزِّيـ … ـنةِ فيها والأثاثِ

إذ حثا التُّربَ على هَيـ … ـلانَ في الحفرة حاثي

فلها تبكي البواكي … ولها تُشجَى المراثي

خلَّفت حزنًا طويلًا … جعلتْ ذاك تُراثي (٤)

وحجَّت الخَيزُران، فكتب إليها المهديُّ وهي بمكَّة: [من الخفيف]

نحن في أكملِ السُّرورِ ولكن … ليس إلَّا بكمْ يتمُّ السرورُ


(١) الأغاني ١٩/ ٢٦٣.
(٢) في (خ): حسنت. والمثبت من المصادر.
(٣) انظر في نسبة الأبيات تاريخ الطبري ٨/ ١٨٥، والموشى ص ٨١، وتاريخ دمشق ٣٩/ ٢٧٨، و ٦٢/ ٥١١، ومختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ٢٩، والتدوين في أخبار قزوين ١/ ٤٣٢.
(٤) الأبيات للرشيد، انظر تاريخ بغداد ١/ ٤١٤، والوافي ٢٧/ ١٩٩.