للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحض بن جندل بن يعصب بن مدين بن إبراهيم.

وقال: ﴿وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ﴾ [هود: ٨٥] أي: أتموهما ﴿بِالْقِسْطِ﴾ أي: بالعدل. وقال ابن عباس: إنما قال لهم: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ [هود: ٨٥] الآية، لأنه لم يؤمر بالقتال.

﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ من الأوثان، وكان كثير الصلاة والتلاوة ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ وكانوا يقصُّون جوانبَ الدنانير والدراهم لينقصوها ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود: ٨٧] أي: السفيه، كما يقال للديغ سليم. وقيل: على وجه الاستهزاء.

﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ أي: خلافي ﴿أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: ٨٩] فقالوا في الجواب: ﴿مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا﴾ [هود: ٩١] أي: ضعيف البصر. قال مجاهد: ثم عمي في آخر عمره، وقيل: إنه بعث وهو أعمى، وأنكر قوم هذا، وقالوا: ما بعث الله نبيًا أعمى ولا به زمانةٌ، لما نذكر.

ثم قال: ﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ﴾ [الأعراف: ٨٦] يقال: وعدته في الخير، وأوعدته في الشر. وحكى جدي في "التبصرة" عن سعيد بن جبير أنه قال: كان قد ذهب بصره. قال: وقال ابن المنادي: إن ثبت هذا فهو كان في آخر عمره، لأنه لا يُبْعَثُ نبيٌّ أعمى. قال ابن المنادي: وقد قال أبو رَوْق: لم يبعثِ الله نبيًا أعمى ولا به زمانة. وهذا القولُ أليطُ بالقلوب من قول سعيد بن جبير (١).

واختلفوا في الصراط على أقوال:

أحدها: أنهم كانوا يقعدون على الطريق يصدُّون من آمن به، قاله ابن عباس (٢).

والثاني: أنهم كانوا عشَّارين، قاله مجاهد والسدي (٣).

والثالث: كانوا يقطعون الطريق، قاله أبو رَوْق وابن زيد (٤).


(١) "التبصرة" ١/ ٢٠٦.
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١٢/ ٥٥٧.
(٣) انظر "عرائس المجالس" ص ١٦٧، و"زاد المسير" ٣/ ٢٢٩.
(٤) انظر "عرائس المجالس" ص ١٦٧، و"زاد المسير" ٣/ ٢٢٩.