للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبعة دراهم من لِحاء شَجَرٍ فَتَلْتُه بيدي، ولو أنَّ الدنيا أصبحت تحت قدمَيَّ لا يمنعني عن أخذها إلَّا أن أُزيل قدميَّ عنها ما أزلتُهما.

وقال له رجل: عِظْني، فأخذ حصاة من الأرض وقال: زِنَةُ هذه من الوَرَع تدخل قلبَك خيرٌ لك من صلاة أهل الأرض، قال: زدني، قال: كما تحبُّ أن يكونَ اللهُ لك غدًا فكن له اليوم. وكان يأكل من فتل الشَّريط بيده.

ومات في هذه السَّنة، وقيل: مات بالمدينة سنةَ أربعٍ وثمانين ومئةٍ (١) وهو ابنُ ستٍّ وستين سنة.

أَسند الحديثَ عن أَبيه وإبراهيمَ بن سعد وغيرِهما، وأدرك خلقًا من التابعين، وكان سيِّدًا لم يكن في عصره مثلُه رحمةُ الله عليه.

مروانُ بن سليمان

ابن يحيى بنِ أبي حَفْصَة، أبو السِّمط، وقيل: أبو الهَيذام، الشَّاعر (٢).

كان أبو حفصةَ مولى مروانَ بن الحكم، أعتقه يومَ الدار لأنَّه أبلى بلاءً حسنًا في ذلك اليوم. ويقال: إنَّ أَبا حفصةَ كان يهوديًّا أسلم على يد مروان، وقيل: على يد عثمان، ويُزْعَم أنَّه من موالي السَّمَوْءَل [بن] عادياء اليهودي، وقيل: إنّه سُبي من إِصْطخر وهو غلام، فاشتراه عثمانُ ووهبه لمروان، فأَعتقه.

وُلد مروانُ في سنة خمسٍ ومئة، وفد على الوليد بن يزيدَ ومدحه، وكان شاعرًا مُجيدًا، مدح خلفاءَ بني أمية وغيرهم، ومن مديحه في الوليد بن يزيدَ وأهله: [من الخفيف]

إنَّ بالشام بالمُوَقَّر عِزًّا … وملوكًا مباركينَ شهودا

سادةً من بني يزيدَ كرامًا … سبقوا النَّاس مَكرُماتٍ وجُودا

هانَ يَا ناقتي عليَّ فسيري … أن تموتي إذا لقيتِ الوليدا


(١) أجمعت مصادر ترجمته على هذا القول، ولم أقف على مَن قال بالأول غير المصنف.
(٢) الشعر والشعراء ٢/ ٧٦٣، والأغاني ١٠/ ٧١، ومعجم الشعراء ٣١٧، وطبقات الشعراء ٤٢، وتاريخ بغداد ١٥/ ١٨٢، وتاريخ دمشق ٦٦/ ٤٧٩، والمنتظم ٩/ ٦٩، والسير ٨/ ٤٧٩، وتاريخ الإِسلام ٤/ ٩٧٠.