للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الرابعةُ والثمانون بعد المئة

فيها قَدِم هارونُ إلى بغدادَ من الرَّقَّة في الفرات في السُّفن وأثقالُه وأصحابُه على البَرّ. وكان سببُ قدومِه خروجَ أبي عَمرٍو الشاري (١)؛ فإنَّه نزل شَهْرَزورَ، واستفحل أمرُه، ومال إليه النَّاس، فجهَّز إليه هارونُ زهيرًا القصَّاب (٢)، فالتقَوا على شَهرزورَ واقتتلوا، فظهر الشاري، ثم كانت الدَّبَرة عليه، فقُتل ومعه جماعةٌ من أصحابه، وانهزم الباقون.

وكان عليُّ بن عيسى قد توجَّه لقتال أبي الخَصيب، فطلب من عليِّ بن عيسى (٣) الأَمان، فأمَّنه، وقدم عليه أبو الخصيبِ وهو بمَرْو، فالتقاه وأَكرمه ووفى له.

وحجَّ بالنَّاس إِبراهيمُ بن المهديّ، وهو ابنُ شَكْلة (٤).

فصل وفيها توفي

أحمدُ بن هارونَ الرَّشيدِ المعروفُ بالسَّبتي

قال عبدُ الله بن الفَرج العابد: احتجتُ إلى صانعٍ يصنع لي شيئًا من أمر الرُّوزْجاريين (٥)، فأتيتُ السُّوق، فإذا في آخرهم شابٌّ مُصْفَرٌّ بين يديه زِنبيل كبير ومَرّ (٦)، وعليه جُبَّة صوف ومئزرُ صوف، فقلتُ له: تعمل؟ قال: نعم، قلتُ: بكم؟ قال: بدِرهمٍ ودانِق، قلت له: قُم حتَّى تعمل، فقال: على شريطة، قلتُ: وما هي؟ قال: إذا كان وقتُ الظُّهر وأذَّن المؤذِّن، خرجتُ فتطهَّرت وصلَّيت في المسجد جماعة ثم رجعت، فإذا كان وقتُ العصر فكذلك، قلتُ: نعم.

فقام معي، فجئنا المنزل، فوافقتُه على ما ينقله من موضع، فشدَّ وسطَه وجعل يعمل


(١) في (خ): الشيباني، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٢٧٢، والمنتظم ٩/ ٩٢، والكامل ٦/ ١٦٦، وتاريخ الإسلام ٤/ ٧٨٢، والبداية والنهاية ١٣/ ٦٢٦.
(٢) في (خ): القصار، والمثبت من المصادر.
(٣) في (خ): موسى، وهو خطأ. وانظر المصادر السابقة.
(٤) هي أمه.
(٥) أي الذين يعملون بأجر يومي.
(٦) المر: الحبل، والمسحاة، والزنبيل: القُفَّة أو الجراب أو الوعاء. المعجم الوسيط (مرر)، القاموس.