للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: في مقابر عبدِ الله بن مالك، فقال: إذا كان وقتُ المغربِ فقف لي على الباب، فوقفتُ، فخرج لي مُتَنكِّرًا، فجئت به إلى قبره، فما زال يبكي ليلَه ويُدير رأسَه ولحيتَه على قبره ويقول: يا بنيّ، نصحتَ أباك؛ حتَّى طلع الفجر، فقلت: أصبحتَ يا أميرَ المؤمنين، فقال: قد أمرتُ لك بعشرة آلافِ درهم، واكتُب عيالك مع عيالي؛ فقد وجب عليَّ حقُّك بدفنك ولدي، وأَخذ بيدي ومشينا إلى القصر، فلمَّا بلغ البابَ قال: انظر ما أُوصيك به، إذا طلعت الشَّمسُ فقِفْ لي حتَّى أدعوَك فتحدِّثَني حديثَه، قلت. إن شاءَ الله. فما عدتُ إليه بعد ذلك.

محمَّد بن يوسفَ بنِ مَعْدان (١)

أبو عبد اللهِ، الأَصفهاني. كان ابنُ المبارك يسمِّيه عروسَ الزُّهَّاد. وقال ابن مَهديٍّ ويحيى بنُ سعيد: ما رأينا مثلَه. وما كان يشتري حاجَته -زادَه وما يحتاج إليه- من خبَّازٍ واحد، ولا من بقَّال واحد، ويقول: لعلَّهم يعرفوني فيُحَابُوني، فأكونُ ممَّن يكون يعيش بدِينه. ولم يكن يضع جَنْبَه إلى الأرض، وإذا نام نام قاعدًا.

وكان يسكن السَّواحلَ والمَصِّيصة، وكان عابدًا ورعًا، خرج في جنازة بالمصِّيصة، فنظر إلى قبر أبي إسحاقَ الفَزاريِّ ومَخْلَدِ بن الحسينِ وبينهما موضعُ قبرٍ فقال: لو أنَّ رجلًا مات فدُفن بينهما، فما أتت عليه إلَّا عشرةُ أيامٍ حتَّى توفِّي فدُفن بينهما، ولم يبلغ أربعين سَنَة.

أَسند عن الثوريِّ والأَعمش وغيرِهما، وشغلته العبادةُ عن الرِّواية.

المُعافى بنُ عِمران

أبو مسعودٍ، المَوْصليِّ، الأَزْدي (٢). رحل إلى البلادِ في طلب الحديث، وجالس العلماءَ، وجمع بين الورعِ والعقل والسَّخاء والزُّهد في الدُّنيا ومحبَّة الصالحين


(١) حلية الأولياء ٨/ ٢٥٥، وصفة الصفوة ٤/ ٨١، والمنتظم ٩/ ١٠٠، وتاريخ الإسلام ٤/ ٩٦٨، والسير ٩/ ١٢٥.
(٢) تاريخ بغداد ١٥/ ٣٠٣، حلية الأولياء ٨/ ٢٨٨، والمنتظم ٩/ ١٠١، وصفة الصفوة ٤/ ١٨٠، وتاريخ الإسلام ٤/ ٩٧٦، والسير ٩/ ٨٠.