للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزيارتِهم، لزم سفيانَ الثوريَّ وتفقَّه عليه وتأدَّب بآدابه، وكان يقول له: أنت معافًى كاسمك. وكان صاحبَ سُنَّة.

وكان بشرٌ الحافي مغرًى به، ويزوره في بلدِه بالموصل ويغشاه. قال رجلٌ لبشر الحافي: أراك عاشقًا للمعافى بنِ عمران! فقال: وما لي لا أَعشقُه وقد كان سفيانُ يسمِّيه ياقوتةَ العلماء؟! ولقد قُتل ابناه بالموصل فما رأيتُه حلَّ حَبْوَته، وقال: ظالمَين أو مظلومَين؟ قالوا: مظلومَين، فحلَّ حَبوتَه وخرَّ ساجدًا، وما رُئي عليه أثرُ الحزن، وما سُمع من داره صوت. كان صاحبَ كمدٍ، فجاء إخوانه يُعَزُّونه، فقال لهم: إنْ كنتم جئتم تعزُّونني فلا تعزوني، وإنْ كنتم تهنِّئونني فنَعم. فما برحوا حتَّى غدَّاهم وغلَّفهم بالغالية. وكان ابناه قُتلا في وقعةِ الموصل.

وطرق بابَه بِشرٌ، فقالت له ابنةٌ له خماسية: مَن بالباب؟ فقال: بشرٌ الحافي، فقالت: لو اشتريتَ نعلًا بدانقَين لَذهبت عنك هذه الشُّهرة.

وكان المعافَى يقول: كتابةُ حديثٍ واحد أحبُّ إليَّ من قيام ليلة.

مات سنة أربعٍ وثمانين ومئة بالموصل. وقيل: سنةَ خمسٍ أو ستٍّ وثمانين. وصلَّى عليه عَمرو بن الهيثم.

أَسند عن الثوريِّ ومالكِ بن أنس واللَّيث بنِ سعد وخلقٍ كثير، وروى عنه ابنُ المبارك وغيره، وكان يقول: حدَّثني ذاك الرجلُ الصالح.

وصنَّف كتبًا في الزُّهد والسُّنن والآداب. واتَّفقوا على صِدقه وثقتِه وووعه.

* * *