للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزيدُ بن هارون

أبو خالد، مولى بني سُليم.

ولد سنةَ ثماني عشرةَ ومئة، وكان من العابدين الخائفين، وإذا صلَّى العَتمةَ لا يزال قائمًا حتَّى يصلِّيَ الغداةَ بذلك الوضوءِ نيِّفًا وأربعين سنة.

وقال له رجل: كم جزؤك من اللَّيل؟ فقال: وأنام من اللَّيل شيئًا! إذن لا أَنامَ اللهُ عيني.

وقال الحسنُ بن عَرَفة: رأيت يزيدَ بن هارونَ بواسطٍ من أَحسن النَّاسِ عينين، ثم رأيته بعدُ بعينٍ واحدة، ثم رأيتُه وقد ذهبت عيناه، فقلت: يا أبا خالد، ما فعلت تلك العينانِ الجميلتان؟ فقال: ذهب بهما بكاءُ الأَسحار.

وقال يزيدُ بن هارون: مَن طلب الرِّئاسة في غير أَوانها، حرمه اللهُ إياها في أوانها.

ومات في سنة ستِّ وثمانين. وقيل: سنة سبع، أو ثمانٍ وثمانين ومئة (١).

أسند عن يَحْيَى بنِ سعيدٍ (٢) الأنصاريّ وغيره، وروى عنه الإمامُ أحمد وطبقتهُ.

وكان ثبتًا ثقةً صدوقًا، كثير العلمِ والحديث، قال عليُّ بن المَديني: ما رأيت أحفظَ منه.

وقال أبو نافعٍ بنُ بنتِ يزيدَ بن هارون: كنت عند الإمامِ أحمدَ بن حنبلٍ وعنده رجلان، فقال أحدُهما: يا أبا عبدِ الله، رأيتُ يزيدَ بن هارونَ في المنام، فقلت: ما فعل اللهُ بك؟ قال: غفر لي وشفَّعني وعاتبني، قلت: بماذا عاتبك؟ قال: قال لي: يا يزيد، أَتحدِّث عن حَرِيز بن عثمان؟! قال: قلت: يا ربّ، ما علمتُ إلا خيرًا، فقال: إنَّه كان يُبغض أبا الحسن عليَّ بن أبي طالب، أَبغضه الله.

وقال الآخَر: رأيت يزيدَ بن هارونَ في المنام، فقلت: هل أتاك مُنكر ونَكير؟ قال:


(١) لم يختلف المؤرخون أنَّه توفي سنة ست ومئتين، انظر تاريخ بغداد ١٦/ ٥٠٤، والمنتظم ٩/ ١٥٨، وتهذيب الكمال (٧٦٥٦)، والسير ٩/ ٣٧١، وتاريخ الإسلام ٥/ ٢٣٠. وفي طبقات ابن سعد ٩/ ٣١٦، وصفة الصفوة ٣/ ٢٠ أنَّه توفي وهو ابن سبع أو ثمان وثمانين سنة. ولعلّه تسرب إليه الوهم من هنا، والله أعلم.
(٢) في (خ): عن سعيد، وهو خطأ.