للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة التّسعون بعد المئة

فيها خلع رافعُ بن الليثِ بنِ نصرِ بن سيَّار هارونَ بسَمَرْقَنْدَ وخرج عن الطَّاعة.

وسببُه: أنَّ يحيى بنَ الأشعث الطائي كان قد تزوَّج ابنةَ عمٍّ له بسمرقند، ثم قدم بغدادَ فأَقام بها مدَّة، وبلغها أنَّه قد تسرَّى ببغداد، فطلبت الخلاصَ منه، وكان رافعُ بن الليثِ مقيمًا بسمرقند، فطمع في مالها وجمالِها، فدس إليها من قال لها: لا سبيلَ لك إلي الخلاص منه حتى ترتدِّي عن الإِسلام، فتَبِينينَ منه ثم تحلِّين للأَزواج، فارتدَّت ثم أسلمت، فتزوَّجها رافع، وبلغ يحيى بنَ الأشعث، فأَخبر الرشيد، فكتب إلى علي بن عيسى بنِ ماهانَ بأن يفرِّقَ بينهما، وأن يطافَ برافعٍ على حمارٍ مقيدًا في سمرقند؛ ليكونَ نكالًا لغيره، ففعل ذلك عليُّ بن عيسى وحبس رافعًا، فهرب من الحَبْس، وتبعه جماعةٌ ممن صادرهم علي بن عيسى، فسار إليه علي بن عيسى من مَرْو (١)، فالتقيا على سمرقند، فهزمه رافع، فعاد إلى مروَ وأقام يجمع العساكر.

وفيها أَسلم الفضلُ بن سَهْل على يد المأمون.

وفيها دخل الرشيدُ بلادَ الرُّوم في مئةٍ وخمسة وثلاثين ألفًا من الجند ممَّن يأكل الدِّيوان سوى المطَّوِّعة، وبثَّ العساكرَ في الرُّوم، ونازل هِرَقْلَة، فافتتحها في شوَّال، فهدمها وقتل أهلها، وافتتح شَراحيلُ بن معنِ بن زائدةَ حصنَ الصَّقالِبَة ودَبْسَة (٢)، وافتتح يزيدُ بن مَخْلَد الصَّفصاف، وسَبَوا خلقًا عظيمًا من الروم ومن جزيرة قُبْرُص، فبلغ عددُهم ستَّةَ عشر ألفًا، فقدم بهم الرقَّة (٣)، وتولَّى بيعَهم القاضي أبو البَختري، فبلغ أُسْقُف قبرصَ ألفَي دينار.


(١) الذي سار إليه ابنه عيسى بن علي. انظر تاريخ الطبري ٨/ ٣٢٠، والمنتظم ٩/ ١٧٨، والكامل ٦/ ١٩٥، وتاريخ الإسلام ٤/ ٧٩٣.
(٢) في (خ): دليسة، والمثبت من الطبري ٨/ ٣٢٠، والمنتظم ٩/ ١٨٢، ونسخة من الكامل ٦/ ١٩٦ أشار إليها محققه.
(٣) في المصادر عدا تاريخ الإسلام ٤/ ٧٩٣: الرافقة. والرافقة بلد متصل البناء بالرقة، كما في معجم البلدان (الرافقة).