للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زبيدة لأنَّ المنصورَ كان يرقِّصها لمَّا كانت صغيرةً، وكانت سمينة، فكان يقول: ما أنت إلَّا زبيدة.

[ذِكر مولده وصفتِه:

قال الصوليُّ في كتاب الأوراق:] (١) وُلد محمَّد الأمينُ سنةَ إحدى وسبعين ومئةٍ برُصافة بغداد، وكان أبيضَ بضًّا سمينًا سَبطًا، صغيرَ العينين، عظيمَ الكراديس، ولم يكن في زمانه أحسن وجهًا مثه، ولا أَحلى شمائل، ولا أشجعُ ولا أقوى، هجم عليه يومًا أسد وهو في بستانٍ وليس عنده سلاح، فوثب على الأسد من خلفه ورَكِبَه وعصر فخذَيه، فأقعى وانقطع ظهرُه فمات.

[قال الصولي:] إلا أنه كان سيِّئ السيرة، سفَّاكًا للدماء، ضعيفَ الرأي، مشغولًا بلذَّاته عن النظر في أمور الرَّعيَّة، حتى إنَّه كان يقول: لا أعرف الإِيرادَ والإِصدار، ولكن أشرب الكاسَ، وأَشَمُّ الآس، وأَستلقي من غير نعاس، وذلك أحبُّ إلي من مداراة الناس. [قال:] وكان فصيحًا بليغًا، حتى إنَّ الرشيدَ كان يقول للمأمون: وددتُ أنَّ لك بلاغة محمَّد وأنَّ عليَّ من الغُرم كذا وكذا.

ذِكر بَيعته:

[قال الصولي وغيره:] (٢) بويع بالخلافة في عسكر أبيه بطوسَ صبيحةَ الليلةِ التي توفِّي فيها أبوه، وذلك يومَ السبت لأربع خلونَ من جُمادى الأولى (٣) سنةَ ثلاثٍ وتسعين ومئة، وهو ابنُ ثلاثٍ وعشرين سنة، أو اثنتين وعشرين، والمأمون يومئذٍ بمرو، ولم يكن مع هارونَ من ولده إلَّا أبو عيسى وصالح، فتولَّى صالح بيعةَ الأمين، وكتب حمُّويه مولى المهديّ -وكان صاحبَ الخبر- إلى سلام مولاه ببغدادَ يخبره بوفاة هارون، فدخل على الأمين فعزَّاه وهنَّأه، وهو أوَّل مَن فعل ذلك، ثم قدم بعد ذلك رجاء الخادمُ يومَ الأربعاء لأربعَ عشرةَ ليلةً خلت من جُمادى الآخرة من عند صالح بنِ


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) وكذا في المنتظم ٩/ ٢١٨، وفي تاريخ الطبري ٨/ ٣٤٥ و ٣٦٥، وتاريخ ابن الأثير ٦/ ٢١١ و ٢٢١، والبداية والنهاية ١٤/ ١٠٢: الآخرة.