للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى بعده، وأنَّه نظر بين بني العباسِ وبين بني على فلم يرَ أحدًا أحقَّ من عليِّ بن موسى، ولا أعلمَ ولا أورعَ منه، فمُر الناسَ برمي السوادِ ولُبس الخضرة، وأخذ البيعة علي بني هاشمٍ والقوَّاد والجند.

فقرأ عيسى الكتابَ على أهل بغداد، فقال بعضُهم: لا نُبايع ولا نَلْبَس الخُضرة، ولا نُخرج هذا الأمرَ من بني العباس، وغضبوا واجتمعوا، وقالوا: نخلع المأمونَ ونولِّي بعضَنا، فبايعوا إبراهيمَ بن المهديِّ لخمسٍ بقين من ذي الحِجَّة، وأصعدوه المنبرَ بجامع المنصور، وسمَّوه المبارك، وعليه السواد، وكذا جميع بني هاشم، وجعلوا وليَّ عهده إسحاقَ بن موسى بنِ المهدي، وكثر الشَّغب في الجامع، فصلَّى الناس أربعَ ركعات، ولم يصلُّوا الجمعة، وبايعه منصور بن المهديِّ والسِّندي وصالحٌ المَوْصِلي (١) والمطَّلب بنُ عبد الله بنِ مالك -وهو الذي تولَّى إمرة البيعة- ونُصير الوصيف، والأعيانُ من الدولة، وقالوا: ما فعلنا هذا الأمرَ إلَّا حيث أخرج المأمونُ الأمرَ عن بني العباس.

وولَّى إبراهيمُ بن المهدي الجانبَ الشرقيَّ من بغدادَ العباسَ بن موسى الهادي، والجانبَ الغربيَّ إسحاقَ بن موسى الهادي، وقال إبراهيمُ بن المهدي: [من الطويل]

ألم تعلموا يا آلَ فِهرٍ بأنني … شَريتُ بنفسي (٢) دونكمْ في المهالكِ

وفيها تحرَّك بابَكُ الخُرَّمي في الجاويذانية أصحابِ جاويذان بنِ سهل صاحبِ البَذّ، وادَّعى أن روح جاويذانَ انتقلت إليه، وشرع في الفساد، وهذا أوَّلُ بداية أمره.

وفيها افتتح عبدُ الله بن خُرداذبه والي طَبَرِسْتان بلادَ الدَّيلَم من نواحي طبرستان، وأَنزل عن (٣) قلاعها شهريار بن شروين (٤)، فقال سَلْمٌ الخاسر يخاطب المأمون: [من البسيط]


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ٥٥٧، وابن الأثير ٦/ ٣٤١: صالح صاحب المصلى.
(٢) في (خ): نفسي، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٥٧.
(٣) في (خ): على، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٥٦، وابن الأثير ٦/ ٣٢٧ - ٣٢٨.
(٤) في (خ): شهروين، والمثبت من تاريخ الطبري وابن الأثير.