للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءت امرأةٌ إلى العوفيِّ ومعها رجلٌ وصَبي، فقالت: أعز اللهُ القاضي، هذا زوجي وهذا ولدي منه، فقال له القاضي: هذه امرأتُك؟ قال: نعم، قال: وهذا ولدُك؟ قال: لا، أنا رجل خَصِيّ. فألزَمَه الولد، فأخذه فوضعه على عُنقه، فلقيه رجلٌ فقال: ما هذا الصَّبيُّ منك؟ قال: القاضي يُفرِّق أولادَ الزِّنى على الخِصيان.

وحكى الخطيبُ (١) عن طلحةَ بنِ محمد قال: كان العوفيُّ جليلَ القدر، من أصحاب أبي حنيفة، وكان سليمًا مُغَفَّلًا، وكان يجتمع في مجلسه قومٌ يتناظرون وبين يديه كتابٌ ينظر فيه، ثم يُلقي منه المسائلَ ويقول لمن يلقي عليه: أخطأتَ وأصبت، من الكتاب].

وكان المهديُّ قد جعله على المَظالم، فحضر ليلةً عند المهدي، فصلَّى المغرب وقام يتنفَّل، فجذب العوفيُّ بثوبه، فقال: ما الذي بك؟! قال: أمرٌ أولى من النافلة، قال: وما هو؟ قال: سلامٌ مولاك، وكان سلامٌ واقفًا على رأسه، قال: ما الذي بك؟ قال: غصب بني فلانٍ ضَيعتهم، مُرْه بردّها، فقال: حتى نصبح، فقال: لا واللهِ إلَّا الساعة، فقال المهديُّ لبعض قوَّاده: اذهب فأَخرج مَن فيها من أصحاب سلامٍ وسلِّمها إلى أصحابها، فما أصبحوا حتى رُدَّت عليهم.

[ذِكر وفاته:

ذكر خليفةُ أنه مات في سنة إحدى ومئتين (٢). وقال ابنُ سعد: سنةَ اثنتين ومئتين (٣)] حدَّث العوفيُّ عن الأعمش ومِسْعرَ بن كِدَامٍ وغيرهما، وقد تكلَّموا فيه.

[وفيها توفي]

الحسينُ بن عليّ

أبو عبدِ الله الجُعْفي (٤). من الطبقة السابعةِ من أهل الكوفة، الزاهدُ العابد.

كان سفيانُ الثوريُّ والإمام أحمدُ رحمةُ الله عليهما إذا رأياه قاما إليه واعتنقاه وقالا: مرحبًا بالعابد.


(١) في تاريخه ٨/ ٥٥٦.
(٢) طبقات خليفة ص ٣٢٨، وكذا أورده ابن الجوزي في وفيات سنة (٢٠١ هـ).
(٣) ذكر ابن سعد في طبقاته ٩/ ٣٣٣ القولين على الشك.
(٤) طبقات ابن سعد ٨/ ٥١٩، المنتظم ١٠/ ١١٧، تهذيب الكمال، السير ٩/ ٣٩٧، تاريخ الإسلام ٥/ ٥٣.