للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إلهي عجلتَ لي بشهوتي، لقد أطلتَ شِقوتي. ثم بكى بكاءً شديدًا وقال: واللهِ لا ذقتُ مِلحًا أبدًا حتى ألقاك (١).

[ذِكر نُبذةٍ من كلامه:

روى الخطيبُ (٢) عن أحمدَ بنِ أبي الحواريِّ قال: سمعت أبا سليمانَ يقول (٣):] مفتاحُ الدنيا الشِّبع، ومفتاحُ الآخرة الجوع، وأصلُ كل خيرٍ في الدنيا والآخرةِ الخوفُ من الله تعالى، وإنَّ اللهَ تعالى يعطي الدنيا من يحبُّ ومَن لا يحب، ولا يعطي الآخرةَ إلا مَن يحبّ. لَأَن أتركَ من عَشائي لقمةً أحبُّ إليَّ من قيام ليلة.

و [حكى الخطيبُ (٤) عنه أنَّه] قال: كلُّ ما شغلك عن الله من مالِ وولدٍ وأهلٍ فهو عليك مشؤوم.

و [حكى عنه أبو نُعيم (٥) أنَّه] قال: كلَّما ارتفعت منزلةُ القلبِ كانت العقوبةُ إليه أسرع.

وقال [أبو سليمان]: ربما مثَّلت رأسي بين جبلَين من نارٍ وأنا أهوي فيها حتى أبلغَ قعرَها، فكيف يتهنَّأ بالعيش مَن هذه حالُه!

[وحكى أبو نعيمٍ (٦) أيضًا عن أحمدَ بن أبي الحَوَاري قال لأبي سليمان: لقد غبطتُ بني إسرائيل، يبقى أحدُهم في الدنيا سنين كثيرةً يتعبَّد حتى يصيرَ مثل الشَّنِّ البالي، فقال: ظننتُ أنك جئتنا بشيء، إنَّ اللهَ لا يريد منا أن تيبسَ جلودُنا على عظامنا، وإنما يريد منا الصِّدق، قال: أحدٌ منَّا إذا صدق عشرةَ أيامٍ لله تعالى نال ما نال أولئك في سنينَ كثيرة.]

وقال: الهالكُ مَن هلك في آخر سفرِه وقد قارب المنزل.


(١) الخبران في مناقب الأبرار ١/ ٢٢٩، ٢٣١.
(٢) في تاريخه ١١/ ٥٢٥. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (خ): وقال أبو سليمان.
(٤) في تاريخه ١١/ ٥٢٥. وما بين حاصرتين من (ب).
(٥) في الحلية ٩/ ٢٥٧، ٢٦١.
(٦) في الحلية ٩/ ٢٦٣.