للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: من أحسن المعاريضِ قولُه تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٣] هدَّد بلطف.

وقال: مَن أراد واعظًا فصيحًا، فلْينظر إلى اختلاف الليلِ والنهار. وقال: علِّموا النفوسَ الرِّضا بمجاري الأقدار، فلَنِعْمَ الوسيلةُ هو إلى درجات المعرفة.

وقال: مَن أظهر الانقطاعَ إلى الله تعالى وجب عليه خلعُ ما دونه، ومَن كان الصدقُ وسيلتَه، كان الرِّضا من الله جائزتَه، ولو بكى باكٍ أو محزونٌ في أمَّة، لَرحم اللهُ تلك الأمَّةَ ببكائه.

وقال: لا يأتي الوسواسُ إلا إلى كلِّ قلبٍ عامر، أرأيتَ لصًّا يأتي خربةً فينقبها! إنَّما ينقب بيتًا فيه رُزَم.

وقال: يلبَس أحدُكم عباءةً قيمتُها ثلاثةُ دراهمَ وفي قلبه شهوةٌ بأربعة دراهم! أفما يستحي أن تجاوزَ شهوتُه لباسَه! ولو ستر حالَه بثوبين أبيضَين كان أسلمَ له، وإذا لم يبقَ [في] (١) قلبه شيءٌ من الشهوات، جاز أن يتدرَّعَ عباءة، فإنَّ العباءةَ عَلَمٌ من أعلام الزُّهد.

[وقال أحمدُ بن أبي الحَوَاري: قال لي: كن كوكبًا، فإن لم تكن فكن قمرًا، فإن لم تكن فكن شمسًا. قال: فقلت: بيِّن لي ما تقول، فقال: قم من أوَّل الليلِ إلى آخره، فإن لم تقوَ على قيام الليل كلِّه فكن كالقمر، يطلع في بعضه ويغيبُ في بعضه، فنم بعضَ الليل وقم بعضَه، فإن لم تقدرْ على قيام بعضِ الليل فلا تعصِ اللهَ في النهار (٢).

وقال: لو نُقشت المعرفةُ على بناء، لكان كلُّ مَن رآها مات من حُسنها وجمالها] (٣).

وقال يومًا: الناسُ في الدنيا رجلان: رجلٌ أحبَّ اللهَ فأحبَّ الموتَ شوقًا إلى لقائه، ورجلٌ أحبَّ البقاءَ لإقامة حقِّ الله. فقام فتًى فقال: يا أبا سليمان، ورجلٌ ثالث، قال: مَن هو؟ قال: من لا يختار هذا ولا هذا بل يختار ما اختار اللهُ له، فقال: احتفظوا


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر مناقب الأبرار ١/ ٢٢٤، وتاريخ دمشق ٩/ ٨٣٧ (مخطوط).
(٢) حلية الأولياء ٩/ ٢٦١، ومناقب الأبرار ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر مناقب الأبرار ١/ ٢٢٥.