للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: لا، فقال: واللهِ ما تبرحون حتى تؤدُّوا دِيَته، فأرضَوه بمالٍ فأطلقهم (١).

وقال: مررتُ بالبادية على بئرٍ عليها جَوارٍ، وبينهنَّ جاريةٌ كأنها البدر، فوقعتْ عليَّ رِعدة، وقلت: [من البسيطٍ

يا أحسنَ الناسِ إنسانًا وأملَحَهم … هل باشتكائي إليك الحبَّ من باسِ

فَبَيِّني لي بقولٍ غير ذي خُلُفٍ … أبالصَّريمة نمضي عنكِ أم ياسِ

فقالت: اِخسأ. فوقع في قلبي مثلَ جَمرِ الغَضَا، ثم قالت: [من البسيط]

هلمَّ نمحُ الذي قد كان أوَّلُه … ونظهر الآن إِقبالًا من الراسِ

حتى نكونَ سواءً في مودَّتنا … مِثلَ الذي يحتذي نَعلًا بمقياس

فسألت عن أبيها، فدُللت عليه، فخطبتها منه، فزوَّجني إياها، فهي أمُّ ابني (٢).

[قال: وقلت: لأعرابي: لمَ لا تتزوَّج؟ فقال: لو قدرتُ على طلاق نفسي لطلَّقتها.

قال: وقلتُ لآخَر: ما عندكم في البادية (طبيب)؟ فقال: حُمر الوحش لا تحتاج إلى بَيطار] (٣).

وقال: قلت لأعرابيّ: ما تعدُّون البلاغةَ فيكم؟ فقال: قلَّة الكلام، وإصابةُ الصواب، والقصدُ في المعنى.

وقال: سمعتُ أعرابيًّا يقول: اللهمَّ إنَّ استغفاري إياك مع كثرة ذنوبي لؤم، وإنَّ تركي الاستغفارَ مع علمي بسَعة قدرتِك لَعجز، إلهي كم تتحبَّب إليَّ بنعمتك وكم أتبغَّض إليك بذنوبي وأنا فقيرٌ إليكَ! اللهم أَعِذني من سَطَواتك، وأَجِرني من نَقِماتك، فإني أتوسَّل إليك بك، وأفرُّ منك إليك.

وقال: كنت أتردَّد إلى أعرابيّ، فكنت أسمعه يذكر أُمامة، ثم ترك ذِكرَها، فقلت له: لمَ تركت ذِكرَها؟ فقال: [من مجزوء الكامل]


(١) العقد الفريد ٣/ ٤٨٩.
(٢) تاريخ بغداد ٢/ ١٧٥ - ١٧٦، وتاريخ دمشق ٤٣/ ٢١٤ - ٢١٥، وينظر مصارع العشاق للسراج ٢/ ٢٢١.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وما بين قوسين من العقد الفريد.