للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سليمان (١) الجُوزجاني ومعلَّى الرازي، فعرض على موسى القضاءَ فامتنع، فأقبل على معلَّى فقال له مثلَ ذلك، فقال: لا أصلح، قال: ولمَ؟ قال: لأني رجلٌ أُداين، فأنا بين مطلوبٍ وطالب، قال: نأمر بقضاء ديونِك وتتقاضى ديونَك، فمن أعطاك قبلنا منه، ومن لم يُعطِك عوَّضناك بمالك عليه، قال: ففيَّ شكوكٌ في الحكم، وفي ذلك تلفُ أموالِ الناس، قال: يحضر مجلسَك أهلُ الدِّين إخوانُك، فما شككتَ فيه سألتهم عنه، وما صحَّ عندك أمضيتَه، فقال: يا سبحانَ الله! فأنا أرتاد منذ أربعين سنةً رجلًا أُوصي إليه فما أقدر عليه، فمن أين أجد مَن يُعينني على قضاء حقوقِ الله الواجبةِ حتى أأتمنَه! أعفني. فأعفاه.

وروى الخطيبُ (٢) عن ابن مَعينٍ قال:] كان معلى يومًا يصلِّي، فوقع على رأسه كُورُ الزَّنابير، فما التفَتَ ولا انفتلَ حتى أتمَّ صلاته، فنظر، فإذا رأسُه قد صار هكذا من شدَّة الانتفاخ.

و [قال خليفةُ (٣) والخطيب (٤):] مات [المعلَّى] ببغدادَ سنةَ إحدى عشرةَ أو اثنتي عشرةَ ومئتين.

[وقال الخطيب] (٥): حدَّث [ببغدادَ] عن مالك بنِ أنس [والليثِ بن سعد، وأبي عَوَانة، وشريكٍ القاضي، وابن لَهِيعة، وموسى بن أَعْيَن، ويحيى بنِ زكريا بنِ أبي زائدة، وأبي بكرٍ بن عياش، وهُشَيم] وغيرهم (٦).

وروى عنه ابنُ المديني وغيرُه، ولم يسمع منه الإمامُ أحمد رحمةُ الله عليه، وكان في قلبه غُصَص من أحاديثَ ظهرت على الملأ كان يحتاج إليها، وإنَّما لم يسمع منه لأنَّه كان يكتب الشُّروط، وكاتبُها لا يخلو من التزيُّد في الكلام، فتورَّع الإمامُ أحمد رحمةُ الله عليه عنه على عادته، فإنَّه كان ينظر في باب الورع.


(١) في (ب): سعيد، والمثبت من تاريخ بغداد ١٥/ ٢٧.
(٢) في تاريخه ١٥/ ٢٤٨. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في طبقاته ص ٣٢٩. وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في تاريخه ١٥/ ٢٤٩.
(٥) في تاريخه ١٥/ ٢٤٦. وما بين حاصرتين من (ب).
(٦) في (خ): وغيره.