للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمانٍ وسبعين ومئة. [وقال الطَّبري:] (١) ولد ببغدادَ بالخُلْد قصرِ المنصور سنةَ ثمانين ومئة. وقيل: ولد بالقاطول، فكانت نفسُه تشتاق إلى تلك النواحي؛ ولهذا بني سُرَّ مَن رأى. قال: وكان هارونُ يومَ لا يصل إلى ماردةَ يبعث إليها بألف دينار.

[ذكر صفته:]

وكان المعتصمُ أبيضَ مربوعًا، طويلَ اللحية، حَسَنَ الوجه، وقيل: كان أصهب (٢) [قال الصُّولي:] وكان المأمونُ قد أمر ابنَه العباسَ وإسحاقَ بن إبراهيم إن حدث به حَدَثُ الموتِ أن الخليفةَ بعده أبو إسحاق بنُ الرشيد.

[ذكر بيعته:] (٣)

فلما احتضر ببلاد الرُّوم مال الجندُ إلى العباس [بن المأمون]، وأرادوه على البَيعة، فأبى، فشَغَبوا، فخرج إليهم وقال: ما هذا الحبُّ البارد! قد بايعتُ عمِّي وسلَّمت إليه الأمر، فسكن الجندُ وبايع الناس.

ولم يَعهد الرشيدُ إلى ابنه المعتصمِ مع شدَّة محبَّته له ولأمِّه، فساق اللهُ إليه الخلافة، وكان المأمونُ قد بني الطُّوانة، فهدمها المعتصمُ وحمل ما كان فيها من السلاح وغيرِه، وأحرق ما لم يَقدرْ على حمله، وأمر الناسَ الذين أسكنهم المأمونُ بها فانصرفوا إلى بلادهم، وسار مُجدًّا فدخل بغدادَ يومَ السبت غُرَّةَ رمضان، وكان إسحاقُ بن إبراهيمَ قد أَخذ له البيعةَ ببغداد، ومدَّ الفضلُ بن مروانَ يَدَه فبايع وقال: [من الكامل]

بايعتُ منبسطًا ولو لم تنبسطْ … كفِّي لبيعته قطعتُ بَنانَها (٤)

مَن ذا إليها لا يَمدُّ يمينَه … قطع الإلهُ يمينه فأَبانها

[قال الخطيب (٥): كان من أولاد هارونَ جماعةٌ اسمُ كلِّ واحدٍ منهم محمَّد: الأمين، وأبو إسحاق، وأبو العبَّاس، وأبو أحمد، وأبو عيسى، وأبو أيُّوب، وأبو


(١) في تاريخه ٩/ ١١٩. وفي (خ) و (ف): وقيل. . .
(٢) الصُّهْبة: الشُقْرَة في شعر الرأس. الصحاح (صهب).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) البيت الأول لمروان بن أبي حفصة ضمن ثلاثة أبيات في مدح المهدي، وهي في ديوانه ص ١١١.
(٥) في تاريخه ٤/ ٥٥٣. وما بين حاصرتين من (ب).