للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى الخطيبُ أيضًا عن] صالحٍ العِجْلي (١) قال (٢): رأيتُ بِشْرًا شيخًا قصيرًا دميمًا، قبيحَ المنظر، وَسِخَ الثياب، أشبَه شيءٍ باليهود، وكان أبوه يهوديًّا بالكوفة، صبَّاغًا في سوق المراضع.

و [قال يزيدُ بن خالد:] (٣) دخل بِشرٌ على المأمون فقال: إنَّ ها هنا رجلًا قد هجانا فيما أَحدثناه من القول بخلق القرآن، فعاقِبْه، فقال: إن كان شاعرًا لم أُقدِم عليه، فقال: إنه يدَّعي الشِّعرَ وليس بشاعر، فقال المأمون: حتى أَختبرَه، فكتب إليه: [من المنسرح]

قد قال مأمونُنا وسيِّدنا … قولًا له في الكتاب تصديقُ

إنَّ عَليًّا أعني أبا حَسَنٍ … أفضلُ مَن أَرقلتْ (٤) به النُّوقُ

بعد نبيِّ الهدى وإنَّ لنا … أعمالنا والقرآنُ مخلوق

فلمَّا وقف الرجلُ على الأبيات كتب: [من البسيط]

يا أيها الناسُ لا قولٌ ولا عملٌ … لمن يقول كلامُ اللهِ مخلوقُ

ما قال ذاك أبو بكرٍ ولا عُمرٌ … ولا الرسولُ ولم يذكرْه صِدِّيق

ولم يقل ذاك إلَّا كلُّ مبتدعٍ … عند العبادِ وعند اللهِ زنديق

فلمَّا وقف عليه المأمونُ قال لبِشْر: يا ماصّ، ألستَ زعمتَ (٥) أنَّه ليس بشاعر! ثمَّ أَغلظ له في القول.

ذِكرُ وفاتِه:

[واختلفوا فيها، فقال الخطيب:] (٦) مات في ذي الحِجَّة سنةَ ثمانِ عشرةَ ومئتين [هو والمأمونُ في سَنَةٍ واحدة]. وقيل: في سنة تسعَ عشرة. [والأوَّل أصحّ.


(١) هو في تاريخ بغداد ٧/ ٥٣٧ عن صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، عن أبيه.
(٢) في (خ) و (ف): وقال صالح العجلي.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب). والخبر في تاريخ دمشق ٣٩/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٤) في (ب): قلّت. وأرقل: أسرع. القاموس المحيط (رقل).
(٥) العبارة في (ب) هكذا: يا ماصّ الاست، زعمت. . . .
(٦) في تاريخه ٧/ ٥٤٥. وما بين حاصرتين من (ب).