للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: يتحيرون في القفار، فأقاموا أربعين سنة يتيهون في ستة فراسخ، يسيرون كل يوم جادّين حتى إذا ملُّوا إذا هم في الموضع الذي رحلوا منه. ومات النقباء العشرة الذين أفشوا الخبر ولم يبقَ من النقباء إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنَّا، ومات الذين قالوا لن ندخلها، وكانوا ست مئة ألف، في أربعين سنة. وكان ينزل عليهم المن والسلوى. ولما ذهبت الأربعون سنة وهلكوا، نشأت ذرية أخرى منهم، ففتحوا أريحا على يد موسى، وقيل: على يد يوشع كما يذكر وهب. وموسى هو الذي قتل عوج بن عناق (١).

[ذكر مقتل عوج بن عناق]

حكى جدي في آخر "أعمار الأعيان" عن ابن إسحاق قال: عاش عوج بن عناق ثلاثة آلاف سنة وست مئة سنة ولم يعش أحدٌ هذا العمر (٢).

وقال أبو جعفر الطبري: عاش ألف سنة (٣). وهو وهم منه، لأن بين موسى وآدم ثلاثة آلاف سنة وزيادة.

وولد عوج بن عناق في دار آدم وهو ابن بنته عنَّاق. وقيل: اسم أبيه عناق صهر آدم. وقال الكلبي: جاء عوج إلى نوح أيام الطوفان وقال: احملني معك في السفينة، فقال: اذهب يا عدوَّ الله، فإن الله لم يأمرني بحملك، وطبَّقَ الأرضَ الماءُ وما جاوز كعبيه.

وقال وهب: كان عسكر موسى عدة فراسخ لأنهم كانوا ست مئة ألف، فقال عوج لأصحابه: أنا أكفيكم إياهم، فجاء فوقف عليهم وحذرهم، ثم جاء إلى جبل وقوَّر منه صخرة على قدر العسكر وحملها على رأسه ليقلبها على العسكر، فأرسل الله الهدهد وفي منقاره عود، فنقبها حتى تقوَّرت في عنقه فصرعته، وبلغ موسى فجاء ومعه عصاه وطولها عشرة أذرع، فنزا في الهواء عشرة أذرع أخرى حتى أصاب كعبه وهو مصروع فقتله، وأقبل جماعة من أصحابه فحزُّوا رأسه. وقال الثعلبي: ولما قتل وقع على نيل مصر فجَسَرهم سنة (٤).


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٤٤ - ٢٤٦.
(٢) "أعمار الأعيان" ص ١٣٠.
(٣) جاء عند الطبري في "التاريخ" ١/ ٤٣١ أنه عاش ثلاثة آلاف سنة.
(٤) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٤٤.