للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وكان المأمونُ يقول: إياكم والشُّونيزَ لأي كتبكم. يعني النَّقطَ والشَّكلْ. قال المصنِّف : كان يعتمد على فِطنته، والأماكن التي فيها الإشكالُ لا بدَّ من ذلك فيها] (١).

وقال [ابنُ أَكثم: سمعت] المأمونَ [يقول:] لا نُزهةَ أَطيبُ من النظر في عقول الرِّجال.

وقال: علَبة الحجَّة أحبُّ إليَّ من غَلَبة القدرة؛ لأنَّ غلبةَ القدرةِ تزول بزوالها، وغَلَبةَ الحجَّةِ لا تزول أبدًا.

وقال: إنَّ رجلًا ليس بينه وبين اللهِ أحدٌ أن يخشاه لَحقيقٌ أن يتَّقيَ الله.

و [قال الصُّولي:] كتب إليه رجلٌ يتظلَّم من عليِّ بن هشامٍ وإنَّه لا يدفع إليه ماله، فوقَّع إلى علي: ليس من المروءة أن تكونَ آنيةُ بيتك ذهبًا وفضةٌ ويكونَ غريمُك عاريًا وجارُك طاويًا.

[وقال اليزيدي: جلس المأمونُ يومًا في مجلس الخلافةِ ومجلسهُ معمورٌ بالعلماء والخلفاء، فتقدَّمت إليه امرأةٌ فقالت: يا أمير المؤمنين، مات أخي وخلَّف ستَّ مئةِ دينار، فأعطَوني دينارًا واحدًا وقالوا. هذا نصيبُك. فأَطرق المأمونُ ساعةً ورفع رأسَه فقال: صدقوا، فقيل له: يا أمير المؤمنين، من أين علمت؟! فقال: هذا رجلٌ مات وترك أربعَ بنات، لهنَّ الثُّلثان أربعُ مئة، وترك والدة، لها السُّدس مئةُ دينار، وزوجةً، لها الثُمن خمسةٌ وسبعون، وخلَّف اثني عشرَ أخًا وأختًا واحدة، لكلِّ أخٍ ديناران والأخت دينارٌ واحد. قالت المرأة: صدقتَ يا أميرَ المؤمنين. فعجب الحاضرون من فِطنته] (٢).

وخرج إلى الصَّيد، فاجتاز ببيوت بعضِ العرب، فرأى غلامًا وَضيئًا، فقال: يا غلام، ممَّن أنت؟ قال: من قُضاعة، قال: من أيِّها؟ قال: من كَلْب، قال: وإنَّك لَمن الكلاب؟! قال: لسنا منهم، وإنَّما نحن من قبيلةٍ تُدْعى كلبًا. ثم قال للمأمون: يا عمّ، فممَّن أنت؟ قال: ممَّن تُبغضه العرب كلُّها، قال: فأنس من نِزار؟ قال: فأنا ممَّن


(١) ما بين حاصرتين من (ف)، وينظر الخبر في العقد الفريد ٤/ ١٧٣.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).