للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثةَ آلافِ دينار؛ لتَركه ما لا يعنيه، واليزيديُّ خمسين ألفًا؛ لصمته، وثُمامةُ بن أَشرسَ ثلاثَ مئةِ ألف؛ لحُسن جَدَله، وأحمدُ بن أبي خالدٍ ألفَ ألفِ درهم، لإِفراط شهوته.

وقال عليُّ بن صالح: قال لي المأمونُ لمَّا قدم الشام. أَبغِني رجلًا من أهل الشامِ له أدبٌ يجالسني ويُقِلُّ كلامَه، فدخلت على رجلٍ فقلت: إنِّي مدخلُك على المأمون، فلا تسألْه عن شيءٍ حتَّى يبتدئَك، فأَدخلتُه عليه، فاستدناه وقال: إنِّي أريدك لمحادثتي، فقال الشامي: إنَّ الجليسَ إذا كانت ثيابُه دون ثيابِ جليسه دخلته غَضَاضة، فأمر له المأمونُ بدَستٍ من ثيابه، ثم قال: يا أميرَ المؤمنين، إذا كان قلبي متعلِّقًا بعيالي لم يُنتفعْ بمجالستي، فاقال: خمسون ألفًا تُحمَل إلى منزله، ثم قال: يا أميرَ المؤمنين، وثالثة، قال: ما هي؟ قال: دعوتَني إلى شيءٍ يحول بين المرءِ وعقله، يعني الشَّراب، فإنْ كانت منِّي هَنةٌ تغتفرها، قال: لك.

وقال عُمارةُ بن عَقيل: أَنشدتُ المأمونَ قصيدةً فيها مديح، وهي مئةُ بيت، فلمَّا بدأتُ بصدر البيتِ سبقني إلى قافيته، فقلت: واللهِ ما سمعها منِّي أحد، قال: هكذا ينبغي أن تكون، ثم أَقبل عليَّ وقال: أَمَا بلغك أنَّ عُمرَ (١) بنَ أبي ربيعةَ أَنشد ابنَ عباسٍ عبدَ اللهِ قصيدتَه التي يقول فيها: [من المتقارب]

تَشُطُّ غدًا دارُ جيرانِنا

فقال ابنُ عباس:

ولَلدَّارُ بَعدَ غدٍ أَبعدُ

فأَنشد ابنُ عباسٍ القصيدة، فأنا من ذاك.

وقال عُمارة: قال لي المأمونُ يومًا ونحن على الشَّراب: يا أَعرابيّ، حلفتُ ما أخبثَك! قلت: وما ذاك؟! فقال: ألستَ القائل: [من البسيط]

قالت مُفدَّاةُ لمَّا أنْ رأتْ أَرَقي … والهمُّ يعتادني من طَيفه لَمَمُ

أَنهبتَ مالك في الأَدْنَينَ أَوَّلَه … [و] في الأَباعد حتَّى مسَّك العَدَم

فقلتُ عَذْلَكِ قد أكثرتِ لائمتي … ولم يمتْ (٢) حاتِمٌ هُزْلًا ولا هَرِم


(١) في (خ) و (ف): عمرو، وهو خطأ، والبيت المذكور في ديوانه ص ٣٠٨.
(٢) في (خ): لا يمت، وفي (ف): ولا يمت. والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٦٦٥، وما بين حاصرتين منه.