للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأمون: أَشهد أنَّك رسولُ الله. ثم قاما وهما يتضاحكان.

[قال:] وأُتي بآخَر [يدَّعي النبوَّة] فقال: [له المأمون:] ما علامةُ نبوَّتك؟ قال: أَعلمُ ما في نفسك، قال: وما في نفسي؟ قال: تقول إنَّني كاذب. فحبسه [المأمون] أيامًا، ثم أَحضره فقال: أُوحي إليك بشيء؟ قال: لا، قال: ولِم؟ قال: لأنَّ الملائكةَ لا يدخلون الحبس، فضحك وأَطلقه.

[وادّعى آخَرُ النبوَّة، فأَحضر ثُمامةَ وقال له: ناظِرْه، فقال له ثُمامة بنُ أَشرس: يا أميرَ المؤمنين، ما أكثرَ الأنبياءَ في زمانك! ثم قال له ثمامة: ما علامةُ نبوَّتك؟ قال: أَنكِحُ امرأتَك في حضرتك فتلد غلامًا يَنطِق في المهد أنَّني نبيّ، فقال ثُمامة: أَشهد أنَّك نبيٌّ مُرسَل، فقال المأمون: ما أَسرعَ ما آمنتَ به! فقال: ما أَهون عليك! يفعلُ بامرأتي وأنا أُبصر! فضحك المأمونُ وأَطلقه].

وقال ابنُ أكثم: بِتُّ ليلة عند المأمون، فانتبه نصفَ الليل وقد طفئ المصباح، فصاح: يا غلام، شَمعة، فجاء الفرَّاشُ بها، فقال: اكشفوا فراشي، فكشفوه، فإذا حيَّة بطوله، فقتلها، [قال يحيى:] (١) يا أميرَ المؤمنين، قد انضاف إلى كمالك عِلمُ الغيب، فقال: معاذَ الله، وإنَّما هتف بي هاتفٌ الساعةَ يقول: [من مجزوء الكامل]

يا راقدَ الليلِ انتبهْ … إنَّ الخُطوبَ لها سُرَى

ثِقةُ الفتى مِن دهره (٢) … ثقةٌ محلَّلَةُ العُرى

فعلمتُ أنَّه حدث أَمر.

[حديثُ المأمون مع القُضاة ومدحُ إسمماعيلَ بن حمادِ بن أبي حنيفة:

حكى بشرُ بن الوليدِ القاضي قال: قال المأمون: صِفْ لي أبا يوسُفَ القاضي؛ فإنِّي لم أرَه، فذكرتُ له بعضَ محاسنه، فقال: وددتُ واللهِ كان زين مجلسنا به، ثم قال لي: يا بِشر، ما من شيءٍ من أمر الخلافةِ إلَّا وأنا قادرٌ على تدبيره، إلَّا ما كان من أمر القُضاة؛ فإنَّه قد أَعياني، هذا فلانٌ ولَّيناه قضاءَ الأُبُلَّة وأَجرينا عليه في كلِّ يومٍ (٣) ألفَ


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في تاريخ دمشق ٣٩/ ٢٣٨: بزمانه.
(٣) في المحاسن والمساوئ ص ١٥١: في الشهر، والمنتظم المنتظم ١٠/ ٦٠ - ٦١، وفي المصدرين بعض خلاف عما هنا.