للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرب قال:] (١) اختفى إبراهيمُ [بن المهدي] عند أخته عُليَّة بنت المهدي خوفًا من المأمون، فكانت تكرمُه غايةَ الكرامة، ووكَّلت به جاريةً قد أدَّبتها وأنفقت عليها الأموال، وكانت حاذقةً راويةً للشعر، [وكانت] قد طُلِبت منها بمئةٍ وخمسين أَلْف درهم فأبت، وكانت الجاريةُ تتولَّى خدمةَ إبراهيم وتقوم على رأسه، فهويَها، وكرهَ أن يطلبَها من أخته، فلمَّا اشتدَّ وجدُه بها أخذ عودًا وغنَّى بشعرٍ له فيها، وهي واقفةٌ على رأسه: [من مجزوء الرمل]

يا غزالًا لي إليه … شافعٌ من مقلتيهِ

والذي أجللتُ خدَّيـ … ـه فقبَّلتُ يديه

بأبي وجهُك ما أكـ … ثر حُسَّادي عليهِ

أنا ضيفٌ وجزاءُ الـ … ضَيف إحسانٌ إليهِ

فَفَطِنَت الجارية لشعره، وكانت مولاتُها تسائلها كلَّ يومٍ عن حاله، فأخبرتهَا بالشعر فقالت: اذهبي فقد وهبتُك له، فعادت إليه، فلما رآها أعاد الصوت (٢)، فقبَّلت رأسه، فقال لها: كفِّي، فقال: [قد] وهبتني مولاتي لك، وأنا الرسول، فقال: أمَّا الآن فنعم (٣).

[والبيت الأخير، وهو: أنا ضيفٌ … مكتوبٌ على قبر جدِّي مع بيتين آخرين ضمْنهُما هذا البيت، وسنذكره في ترجمة جدِّي .

قال الخَطيب: حدَّثنا الجوهريُّ، حَدَّثَنَا محمَّد بن العباس قال: أَنشدني عبيد الله بن أَحْمد المروروذي قال: أنشدني إبراهيم بن المهدي لنفسه هذه الأبيات:] (٤) [من البسيط]

قد شابَ رأسي ورأسُ الحرص لم يشبِ … إنَّ الحريصَ على الدُّنيا لفي تعبِ

قد ينبغي ليَ مع ما حُزْتُ من أدبٍ … أنْ لا أُخوِّضَ في أمرٍ يُنقِّصُ بي


(١) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال أَحْمد بن عليّ بن حرب.
(٢) في (ب) - وما بين حاصرتين منها -: فلما عادت إليه أعاد الصوت.
(٣) المنتظم ١١/ ٨٩ - ٩٠.
(٤) في (خ): ومن شعره. وفي (ف): ومن شعر ابن المهدي. والمثبت بين حاصرتين من (ب).