للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة والعشرون بعد المئتين]

فيها استوزرَ المعتصمُ محمَّد بن عبد الملك الزَّيات، وخَلَعَ عليه خِلَعَ الوزارة، ورفعَ منزلته (١).

وفيها أُسِرَ المازيار وقتل بسامرّاء.

وفيها حَبَسَ المعتصمُ الأفشين، ونقم عليه، وسببُه عداوةُ ابن طاهر وابن أبي دؤاد للأفشين، فأوقعَا في قلب المعتصم أنَّه يريدُ قتلَه وزوال الخلافة عنه. [فحكى الصوليّ أن أحمدَ بن أبي دؤاد نقل] إلى (٢) المعتصم أنَّ الأفشين كان يكاتب المازيار، فقال له [المعتصم:] ومن أين أعلمُ حقيقةَ ذلك؟ قال: تبعث إلى كاتِبه فتهدّده وتواعده بالقتل، فأرسلَ إلى كاتبه ليلًا، فسألَه، فأنكر، فتوعَّده فأقرَّ، وقال: كتبتُ كتابًا إليه بخطّي؛ إنَّه لم يبق في العصر غير بابك وأنت وأنا، وقد مَضى بابك، وجيوشُ المعتصم عند ابن طاهر، فلم يبقَ عنده غيري، فإنْ هزمتَ ابنَ طاهر كفيتُك أنا المعتصم، ويخلصُ لنا الدين الأبيض -يعني المجوسيَّة لأنَّه كان يُتَّهمُ بها- فقال المعتصم للكاتب: إنْ ظهر أنَّكَ اجتمعتَ بي قتلتُك. ووهبَ له مالًا.

قال أَحْمد بن أبي دؤاد: فدخلتُ على المعتصم وهو يبكي ويقلق، فقلتُ: لا أبكى الله عينيك، ما الذي بك؟ فقال: يَا أَبا عبد الله، رجلٌ أنفقتُ عليه ألفَ أَلْف دينار، ووهبت له مثلها، يريدُ قتلي، قد تصدَّقتُ لله تعالى بعشرة آلاف درهم، فخذها ففرِّقها. وكانت الكرخُ قد احترقت، فقلت: أرى أن يُفرَّقَ نصفُ هذا المال في أهل الكرخ، ونصفُها في أهل الحرمين (٣)، فقال: افعل (٤).

ولمَّا كان الأفشينُ يحارب بابك كان لا يأتيه هديَّةٌ ولا مالٌ من أهل إرمينية إلَّا بعث بها إلى مدينته أشروسنة، ويجتازُ بعبد الله بن طاهر، فيخبرُ المعتصمَ بها، فكتب إليه


(١) المنتظم ١/ ٩٨.
(٢) في (خ): فنقل ابن أبي دؤاد إلى. وفي (ف): فنقل إلى. والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (ب): الحرتين. ومن هنا إلى قوله: وفي هذه السنة رجفت الأهواز. ليس في (ب).
(٤) انظر المنتظم ١١/ ٩٩.