للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان شجاعًا جوادًا شاعرًا أديبًا فصيحًا سخيًّا، ورد بغداد عدَّة دُفعات، و [قال أبو نُعيم]: كان من الأجواد الممدَّحين، تولى محاربة الخرَّمية، فأفناهم (١).

[ذكرُ طرفٍ من أخباره:

قد ذكره أربابُ السير، كالقاضي التنوخيّ في كتاب "الفرج بعد الشدَّة"، وكالخطيبِ وابن عساكر وغيرهم، فروي عن إبراهيم بن الحسن بن سَهْل قال:] (٢) كنَّا في موكب المأمون، فجاء أبو دُلَفٍ فترجَّل، فقال له المأمون: ما أخَّرك عني؟ فقال: يَا أمير المُؤْمنين، [مرضٌ عرضَ لي، فقال له المأمون:] شفاك الله وعافاك، اركب، فوثبَ من الأرض إلى الفرس من غير أنْ يمسَّ بيده قَرَبُوس سرجه، فقال له المأمون: ما هذه وثبةُ مريض! فقال: بدعاءِ أمير المُؤْمنين شُفيت (٣).

وقال أبو الفرج الأَصْبهانِيّ: كان أبو دُلَف في جملة من كان مع الأفشين يحاربُ بابك، ثم تنكَّر له، وأخذه لمَّا قدمَ إلى سرَّ من رأى ليقتلَه، فقال المعتصم لابن أبي دؤاد: أدركه، ما أراك تلحقُه، وتلطَّف في خلاصه كيف شئت.

قال ابن أبي دؤاد: فركضتُ إلى داره ركضًا، فدخلت وإذا بأبي دُلَف قائمٌ بين يديه، وقد أخذ بيده غلامان تركيَّان، وهو يريد قتلَه، فرميتُ بنفسي على البساط، وكان من عادته أن يفرش لي مُصَلى، فقال: سبحان الله! ما حملك على هذا؟ قلت: أَنْتَ حملتني عليه، وكلَّمته في القاسم وخضعت له، وهو لا يزدادُ إلَّا غِلْظةً، فقلت في نفسي: هذا عبد، وقد خضعتُ له ولم ينفع، وليس يؤخذُ إلَّا بالرهبة، فقمت قائمًا وقلتُ له: كم تقتلُ أولياءَ أمير المؤمنين واحدًا بعد واحد، وتخالفُ أمرَه في قائدٍ بعد قائد؟! إنَّ أمير المُؤْمنين يقولُ لك: إن قتلته قتلَك، فذلَّ ولَصِقَ بالأرض واضطرب، فأخذتُ بيد أبي دُلَفٍ وخرجت، وهو يقول: لا تفعل، فقلت: قد فعلتُ بأمر أمير المُؤْمنين (٤).

وفي رواية القاضي التنوخيّ أنَّ أَبا دُلَف كان مع الأفشين في حرب بابك، فحسدَه


(١) انظر أخبار أَصبهان ٢/ ١٦٠.
(٢) في (خ) و (ف): وقال إبراهيم بن الحسن بن سهل، وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) تاريخ بغداد ١٤/ ٤١٢، وتاريخ دمشق ٥٨/ ٣٢٣.
(٤) الأغاني ٨/ ٢٥٠ - ٢٥١.