للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسم الملك جلندى في قول ابن عباس، وكان كافرًا. وقال محمد بن إسحاق: كان اسمه منولة بن جلندا اردى (١) وقيل: اسمه: هُدد بن بُدَد، وقال مقاتل: كان من ثَقِيف، وهو جدُّ الحجاج بن يوسف الثقفي.

فإن قيل: فقوله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ﴾ يدلُّ على أن المسكين من له شيء ولا يزول عنه اسم المسكنة إذا كانت به حاجة، ويجوز له أخذ الزكاة، وقد قال أبو حنيفة: المسكين من لا شيء له أصلًا، وقال ابن عباس: كانت السفينة تساوي ألف دينار.

والجواب: إن أبا حنيفة يحتجُّ بقوله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)[البلد: ١٦] وهو الذي لزق بالتراب من فقره. وقال عيسى بن عمر: قلتُ لأعرابي: أفقير أنت أم مسكين؟ فقال: لا والله بل مسكين. وأما أصحاب السفينة فقد روى عطاء عن ابن عباس أنهم كانوا أُجَراءَ، ولم تكن ملكًا لهم. وأما قوله بأن الزكاة تصرف إلى المساكين فنحن نقول به ولا خلاف في ذلك، وإنما الخلاف في الوصية إذا قال: ثلث مالي للمساكين، هل يدخل الفقراء في ذلك أم لا؟ عند أبي حنيفة لا يدخلون وتكون للمساكين، وعند الشافعي يدخلون لما عرف.

﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا﴾ يغشاهما، وقيل: يكلِّفهما ﴿طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ قال سعيد بن جبير: خشينا أنْ يَحمِلَهما حبُّه على أنْ يدخلا في دينه ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً﴾ صلاحًا وإسلامًا وإيمانًا ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ أي: قرابة. وقال الكلبي: أبدلهما الله جارية فتزوجها نبيٌّ من الأنبياء، فولدت له نبيًا، فهدى الله على يديه أمَّة من الأمم. وروى الثعلبي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: أبدلهما الله جارية فولدت سبعين نبيًّا (٢).

﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ﴾ واسمهما أصرَم وَصُرَيْم ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ واختلفوا فيه على أقوال:


(١) في "عرائس المجالس" ص ٢٣٠: منواه بن جلندى الأردني.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٣٠.