للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقد ذكرنا أنَّه دَفن بشرٌ ثمانية عشر قمطرًا أو قوصرة، واشتغل بالتعبُّد، فلم يضبط من حديثٍ إلَّا اليسير.

قلت: فالواجبُ دفن الكتب إذا كان فيها باطل، وإذا لم يكن، فيكون مخالفًا للشرع.

ذكر أخوات بشر:

حكى الخطيب عن أبي عبد الرَّحمن السُّلميّ قال:] (١) وكان لبشر ثلاث أخوات مُخَّة وزُبْدَة ومُضْغَة [وكانت زُبدة تكنى أمَّ علي، وكانت مضغةُ أكبرَ من بشر، وماتت قبله، وكذا قال أحمد بن حنبل: كانت زُبدة تكنى أمَّ عليّ، إلَّا أنَّه قال: كانت زبدة أكبر من بشر، وماتت قبله، وهي التي توجَّع عليها لما ماتت] (٢) وقال: قرأت في بعض الكتب أنَّ العبدَ إذا قصَّر في خدمة ربِّه سلبَه أنيسَه، وهذه كانت أنيسي من الدنيا (٣).

[وروي أنَّ التي ماتت قبل بشر هي مخَّة، وقد ذكرها الخطيب بإسناده إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول:] (٤) جاءت مخَّة [أخت بشر الحافي] إلى أبي، فقالت: إتي امرأةٌ رأس مالي دانقان، أشتري بهما القطنَ فأغزلُه وأبيعُه بنصف درهم، وأتقوَّتُ بدانقٍ من الجمعة إلى الجمعة، فمرَّ طائف ابن طاهر ومعه مشعل، فوقف يكلِّمُ أصحاب المسالح، فاغتنمتُ ضوءَ المشعل، فغزلتُ طاقات، ثمَّ غاب عني المشعل، فعلمتُ أنَّ لله فيَّ مطالبة، فخلِّصني خلَّصك الله، فقال لها: تُخرجين الدانقين، ثمَّ تبقين بلا رأس مال حتى يعوِّضكِ الله خيرًا منه، [فقال عبد الله:] ققلت لأبي: لو قلتَ لها: أخرجي المغزل الذي فيه الطاقات (٥)، فقال: يا بنيّ، سؤالُها لا يحتملُ التأويل، ثم قال: مَن هذه، قلت: مخَّة أختُ بشرٍ الحافي، فقال: من ها هنا أُتيت.


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وماتت زبدة -وقيل مضغة- قبله فتوجع.
(٣) تاريخ بغداد ١٦/ ٦٣٢ - ٦٢٤.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال عبد الله بن الإمام أحمد رحمة الله عليه.
(٥) كذا في (خ) و (ف)، وفي (ب): أخرجي الطاقات. وفي تاريخ بغداد ١٦/ ٦٢٥: لو أخرجت الغزل الذي أدركت فيه الطاقات.