للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في وفاة هارون ]

واختلفوا فيها على أقوال:

أحدها: أن الله تعالى أوحى إلى موسى : إنَّي متوفٍّ هارون فأتِ به جبل كذا وكذا، فخرج به نحو ذلك الجبل، فإذا ببيت مبنيٍّ وحوله شجرٌ لم يُرَ في الدنيا مثله، وفي البيت سريرٌ وعليه فرشٌ وريحٌ طيبةٌ، فأعجب هارون وقال: يا أخي أُحبُّ أن أنام على هذا السرير، فقال موسى: نمْ، فقال: أخاف من صاحب البيت أنْ يراني نائمًا على سريره فيصعب عليه، فقال له موسى: نم ولا تخفْ فأنا أكفيك أمره، فقال له هارون: نم معي، فناما على السرير فمات هارون وارتفع البيت والسرير والشجر، ورجَع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا: وأين هارون؟ قال: مات. قالوا: بل أنت قتلته حَسَدًا له على حبِّ الرئاسة، حيث نحبُّه ونميل إليه وكونه أرفقَ بنا منك، فقال لهم: ويحَكُم أترَوْن أنِّي أقتل أخي، فسأل موسى ربَّه فأنزل الله السرير وهارون نائمٌ عليه، فرأوه بين السماء والأرض فصدَّقوه. قاله السُّدي (١).

والثاني: أنَّ هارون مات في التِّيه قبل موسى بثلاث سنين فدفنه موسى، فاتهمه بنو إسرائيل، فأوحى الله إلى موسى انطلق بهم نحو قبره، فانطلق بهم ونادى موسى: يا هارون أنا قتلتك؟ فخرج من قبره ينفض رأسه ويقول: لا والله أنا متُّ موتتي التي كتب الله عليَّ قال: فعدْ إلى مضجعك، فعاد. رواه عمرو بن ميمون عن ابن عباس (٢).

والثالث: أن هارون صعد مع موسى على الجبل فتوفاه الله، وعاد موسى باكيًا فقالوا: أنت قتلته، كان ألينَ لنا منك، فسأل الله تعالى، فجاءت به الملائكة يحملونه، فشاهدوه ميتًا على أيدي الملائكة. رواه ابن عباس عن عليٍّ ، قال فذلك قوله تعالى: ﴿فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾ [الأحزاب: ٦٩].

واختلفوا في موضع قبره:

قال عكرمة: لم يطلع عليه أحد إلا الرَّخَم، فصار أصمّ، وإنَّه في التيه.


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٤٩، وتاريخ الطبري ١/ ٤٣٢، والمنتظم ١/ ٣٧٢.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٤٩.