للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استلقيتُ وأنيت، فقالت: يا عمّ، أراك تعبًا؟ قلت: نعم، ضلَّت إبلي منذ ثلاث، فخرجتُ في طلبها، فقالت: هل لك في أن أدلَّك على من يعلمُ علمها؟ فقلت: إي والله، وتتَّخذي عندي [يدًا]، (١) فقالت: سل الذي أعطاك سؤال يقين، لا سؤال اختبار، فقلت: يا حبيبة، هل لك من بعل؟ فقالت: قد كان، فدُعي إلى ما منه خُلِق، قلت لها: فهل لك في بعلٍ لا تذمُّ خلائقه، ويأمنُ إلفُه بوائقَه، فاستعبرت باكيةً، ثم قالت: [من البسيط]

كنّا كغصنين في عودٍ غذاؤهما … ماءُ الجداول في روضاتِ جنَّاتِ

فاجتثَّ خيرَهما من دونِ صاحبه … دهرٌ يَكُرُّ بروعاتٍ وترحاتِ (٢)

وكنتُ عاهدتُه (٣) إن خانني زمني … ألا يضاجعَ أنثى بعد مثواتي

وكانَ عاهدَني (٤) أيضًا فعاجَلَهُ … ريبُ المنون قريبًا مذ سُنَيَّاتِ

فاصرفْ عِنَانك عمَّن ليس يصرفُها … عن الوفاء خلافٌ (٥) في التحيَّاتِ

إنِّي حلفتُ يمينًا غيرَ كاذبةٍ … والكِذْبُ يُزْرِي بأصحابِ المروآتِ

أنْ لا يضاجعني من بعدِه أحدٌ … حتى يغيَّب رمسِي بين أمواتِ

وسكتت، فاجتهدت بها أن تكلِّمني أو تريني الطريق، فأبت (٦).

وقال العتبي: [من الطويل]

إذا ما تقضَّى الودُّ إلَّا تكاشرًا … فهجرٌ جميلٌ للفريقين صالحُ

تَلَوَّنْتَ ألوانًا عليَّ كثيرةً … ومازجَ عذبًا من إخائِك مالحُ

فلي عنك مستغنىً وفي الأرض مذهبٌ … فسيحٌ ورزق الله غادٍ ورائحُ

لتعلمَ أنِّي حيث رُمتَ قطيعة … وعرَّضتَ لي بالهجرِ عنك مسامحُ


(١) ما بين حاصرتين من اعتلال القلوب للخرائطي.
(٢) في اعتلال القلوب: وفرحات.
(٣) في اعتلال القلوب: وكان عاهدني.
(٤) في اعتلال القلوب: وكنت عاهدته.
(٥) في اعتلال القلوب: خلاب.
(٦) اعتلال القلوب ص ١٨٢، والبيتان الأخيران ليسا فيه، ولم أقف عليهما.