للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة التاسعة والعشرون بعد المئتين]

فيها حبسَ الواثقُ الكُتَّاب، وأخذ منهم أموالًا عظيمة، وسلَّمهم إلى إسحاق بن يحيى صاحبِ حرسه، فضربَ أحمدَ بن إسرائيل ألف سوط، وأخذ منه ثمانين ألف دينار، وأخذَ من سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربع مئة ألف دينار، ومن أحمد بن الخصيب وكاتبه (١) ألف ألف دينار، ومن نجاح ستينَ ألف دينار، ومن صالح بن أبي الوزير (٢) مئةَ ألفٍ وأربعين ألف دينار، سوى ما أخذَ من العمّال، فيقال: إنَّه أخذَ منهم ثلاثة آلاف ألف دينار.

وسببُ ذلك أنَّ الواثقَ جلسَ ليلةً مع ندمائه، فسأل عن السبب الذي به وَثب الرشيدُ على البرامكة، فقال: لم يكن له بيتُ مال، وكانت البرامكة قد استولَت على الأموال، فاستعرضَ الرشيدُ جاريةً، فأعجبته، فطلبَ صاحبُها فيها مئةَ ألف دينار، فأرسل إلى يحيى بن خالد، فأمرَه أن يبعثَ إليه بالمال، فقال يحيى: هذا مفتاحُ سوء، إذا بذل في جاريةٍ هذا المال، كان أحرى أن يَطلبَ المال على قدر ذلك، [فأرسل يخبرُه أنه لا يقدرُ على ذلك، فغضبَ الرشيد] (٣)، فأرسلَ إلى يحيى ثانيًا يقول: لا بدَّ من المال، وكيف يَعجِزُ بيتُ مالي عن مئة ألف دينار، فقال يحيى: اجعلوها دراهم؛ لعلَه يستكثرها فيردها، فأرسلَ بها دراهم، وجعلَها في طريق الرشيد (٤)، فخرجَ فرآها مثل الجبل، فاستكثرَها، وردَّ الجارية، ودعا خادمًا له، وقال: اضمُم هذه إليك، واجعل لنا بيتَ مال، وأخذ في التفتيش على المال، فوجد البرامكة قد استهلكوه، وكان يحضرُ مجلسَه رجلٌ فاضلٌ، فأعجبَه ليلةً حديثُه، فأطلقَ له ثلاثينَ ألف درهم، فمطلَه يحيى


(١) كذا في (خ) و (ف) وتاريخ الإسلام ٥/ ٥٠٣، ووقع في تاريخ الطبري ٩/ ١٢٥، والكامل ٧/ ١٠، والمنتظم ١١/ ١٤٤: وكتَابه.
(٢) كذا في (خ) و (ف)، وفي المنتظم ١١/ ١٤٤: ومن أبي الوزير صالح، وفي تاريخ الطبري ٩/ ١٢٥: ومن أبي الوزير صلحًا.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق. انظر تاريخ الطبري ٩/ ١٢٦.
(٤) في تاريخ الطبري: في رواق الرشيد.