للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثلاثون بعد المئتين]

فيها غارت (١) الأعراب حول مدينة النبي ، فبعثَ إليهم الواثقُ بغا التركيّ في جيشٍ كثيف، فقَتَل منهم جماعةً، وأسرَ آخرين.

ذكر (٢) السبب

كانت بنو سُليم نازلين حولَ المدينة يفسدون ويعبثون، وإذا قامت سوقٌ أخذوا منها ما أرادوا، وكان رأسهم عُزيزةُ بن قطَّاب السُلَميّ، وكان بالمدينة محمد بن صالح الهاسميّ واليًا عليها، وكان الواثق قد بعثَ إليه حمّاد بنَ جرير الطبريّ؛ لئلا يطرقَ المدينة طارقٌ، وكان في مئتي فارسٍ، فبعثَ محمدُ بن صالح حمَّادَ بن جرير في جماعةٍ، من الجند وسودان المدينة [ومن تطوَّع للخروج من] (٣) قريشٍ والأنصار ومواليهم، فسار إلى بني سُليم وهم كارهون (٤)، فالتقاهم على الرُّوَيثة على ثلاث مراحل من المدينة، وهم في ستِّ مئةٍ وخمسين، ثم جاءتهم الأمدادُ قبل القتال، فحولَ عليهم حمَّاد، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وانهزمت سودان المدينة بالناس، وثبتَ حمَّاد وأصحابه وبعض قريش والأنصار، فقُتِل حمَّاد وعامَّةُ أصحابه، وحازت بنو سليم الكراعَ والسلاح والثياب وغيرها، وقويت شوكتُهم، واستباحوا القرى والمنازل والمناهل فيما بين مكَّة والمدينة، وانقطعت الطرق، فبعثَ إليهم الواثقُ بغا الكبير في الشاكريَّة والأتراك والمغاربة، فقدمَ المدينة في شعبان، وشخص إلى حرَّة بني سُلَيم، وعلى مقدمته كردوس (٥) التركي، فلقيَهم وراء السُّوارقيَّة، وكانوا يَأْوون إليها، وبها حصونٌ يتحصَّنون بها، فَقتَل منهم بغا خمسين رجلًا، وأَسَر مثلهم، وانهزمَ الباقون، ثم


(١) كذا في (خ) و (ف)، وفي (ب)؛ عابت. ولعلها: عاثت. انظر تاريخ الطبري ٩/ ١٢٩، والكامل ٧/ ١٢، والمنتظم ١١/ ١٥٠.
(٢) من هنا إلى ترجمة عبد الله بن طاهر ليس في (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ١٢٩، ومكانها في (خ) و (ف) بياض.
(٤) يعني أن بني سليم كانوا كارهين للقتال.
(٥) في تاريخ الطبري ٩/ ١٣٠ طردوش.