للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وكيف يكون هذا هو الصحيح وقد قال ابن عباس ووهب وعامة العلماء: إنه بأرض التيه. وذكره جدي في "التبصرة" (١)، وقال نبينا ﷺ: "إنَّ مُوسى قَال: أدْنِني مِن الأرضِ المقَدَّسةِ رميةَ حَجرٍ" (٢).

وقال ابن عباس ووهب: ما فتح أَريحَا موسى، وإنما فتحها يُوشَع بنُ نون وهو الذي حُبِسَتْ عليه الشمس، لما نذكر.

وأما قوله: إن المراد بالقرية البيت المقدس، فقد قال ابن عباس: هي أَريحَا قريةُ الجبَّارين، وكان فيها قوم من بقية عَاد يقال لهم: العَمَالِقَة ورأسهم عوج بن عناق، وقيل: هي بَلْقَاءُ، وقال ابن كيسان: الشَّام، وقال الضحاك: الرَّملَة والأُردُنُّ وفلَسطين وتَدمر، ولم يقل: إنها بيت المقدس إلا مجاهد وقد خولف.

وقال مقاتل: إِيليَاءُ، قال: وكان للقرية سبعة أبواب.

والثالث: أن قبر موسى بين عَاليَة وعويلة، وهما مَحَلَّتان عند مَسْجِد القَدم، ويقال: إنَّ عَالِيَة وعويلة عند كَنيْسَة توما، ويقال: إنَّ قبره رؤي في المنام فيها، والأصحُّ أنه في تيه بني إسرائيل.

وحكي عن الحسن أنه قال: مات موسى في سبعة أيام من آذار ودفن في الوادي بأرض مُآب فصار قولًا رابعًا. ومآب ما بين بُصرى والبَلْقَاء.

والخامس: أن قبر موسى بدمشق، ذكره الحافظ أيضًا عن كعب الأحبار (٣).

وروى الحافظ أيضًا حديثًا عن أنس عن النبي ﷺ أنه قال: "مررتُ ليلةَ أُسرِيَ بي بموسى وهو قائم يصلي في قبره بين عالية وعويلة" (٤) وقال الحافظ على أثره: قال الحاكم أبو أحمد: هذا حديث غريب من حديث سعيد عن يونس عن أنس، لا أعلم أنه حَدَّث به غير الحسن بن يحيى الخشني عن سعيد، ثم قال الحافظ: وقد صحَّ عن النبي ﷺ أنه مرَّ على موسى ليلة الإسراء وهو يصلي في قبره من غير ذكر عَالِيَة وعويلة.


(١) انظر تاريخ الطبري ١/ ٤٣٦، وتفسيره (١٠٠٣)، والتبصرة ١/ ٢٢٤، والمنتظم ١/ ٣٧٦.
(٢) أخرجه ابن حبان (٦٢٢٣) عن أبي هريرة.
(٣) "تاريخ دمشق" ٢/ ٤١١ (مخطوط).
(٤) "تاريخ دمشق" ٦١/ ١٨٢.