للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثانية والثلاثون بعد المئتين]

فيها (١) كتبَ الواثقُ إلى بُغا الكبير وهو بالحجاز أنْ يسيرَ إلى بني نمير فيوقِعَ بهم.

وسببُ ذلك أنَّ عُمارة بن عُقَيل بن بلال بن جرير بن الخطفى الشاعر قدم على الواثق، وامتدحَه بقصيد امتدحَه فيها، فأمر له بثلاثين ألف درهم، فقال له عمارة: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ بني نمير قد أفسدُوا أرضَ الحجاز وتهامة بالغارات، فكتبَ إلى بغا يأمرُه بقتالهم، فخرجَ من المدينة ومعه محمد بن يوسف الجعفري يدلُّه على الطريق، فقصدَ اليمامةَ، فصادفَ جماعةً منهم، فحاربوه وحاربهم، فقَتَلَ منهم نيِّفًا وخمسين رجلًا، وأَسَرَ منهم نحوًا من أربعين رجلًا، ثمَّ سَارَ إلى اليمامة، فنزلَ بقريةٍ من أعمالها، وبعث إليهم يعرضُ عليهم الأمانَ، وهم يشتمون رسله، وآخر من بعث إليهم رجلين؛ أحدهما من بني تميم، والآخر من بني نمير، فقتلوا التميميَّ وأثبتوا النميريَّ جراحًا، فسار إليهم غُرَّةَ صفر، ثمَّ أرسلَ إليهم أن ائتوني، فامتنعوا، وصعدوا جبال اليمامة، فبعثَ إليهم سرايا، فأسرَتْ منهم، ثمَّ إنَّه أتبعَهم بألف رجل، فالتقوا بمكان يقال له روضة الأبار (٢)، وقد حشدوا له في ثلاثة آلاف، فاقتتلوا.

وقيل: إنَّما اقتتلوا في بطن السن (٣)، وهو على مرحلتين من القرنين (٤)، فهزموا أصحابَ بُغا، وقتلوا منهم نحوًا من مئة، وعقروا من إبل العسكر نحوًا من سبع مئة بعير ومئة دابة، وانتهبوا الأثقال، وجاء بُغَا إليهم، وحال بينهم الليل، فجعل يناشدُهم الله والرجوع إلى الله، وجعلَ محمد بن يوسف الجعفريّ يكلمُهم بذلك، فقالوا: يا محمد، قد والله ولدناك، فما راعيتَ حرمةَ الرحم، ثم جئتنا بهؤلاء العبيد والعلُوج تقلقنا (٥) بهم، والله لنرينَّك بهم العبر.


(١) من هنا إلى قوله: وفيها حجَّ الناس .. ليس في (ب).
(٢) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ الطبري ٩/ ١٤٧: روضة الأبان. وفي الكامل ٧/ ٢٧: روضة الأمان.
(٣) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ الطبري: بطن السر. قال صاحب معجم البلدان ١/ ٤٤٩: بطن السر: واد بين هجر ونجد.
(٤) في (خ) و (ف): القريتين.
(٥) في تاريخ الطبري ٩/ ١٤٧: تقاتلنا.