للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثنى بأخرى مثلِها فأبادَهُم … وأتى الزمانُ علي بني نبهانِ (١)

وغدا يصيحُ بآل طاهر صيحةً … غضبٌ يحلُّ بهم من الرحمنِ

فلمَّا وصلَ إلى همذان اغتنمَه أبو الوفاء رئيس همذان، فأبرَّه وأكرمَه، فأصبح ذاتَ يوم وقد وقع الثلجُ وقطع الطرق، فقال له أبو الوفاء: قد ترى وقوعَ الثلج، فأقمْ عندنا حتَّى يذهبَ الشتاء، فأقام بهَمَذَان، وأحضر إليه خزائنَ الكتب يطالعُها، وصنَّف فيها كتاب، "الحماسة" و"الوحشيات"، وغير ذلك -وكان العلماءُ يرون أنَّ اختيارهُ الحماسة أحسنُ من شعره- فلمَّا ارتفعَ الثلجُ سأله المُقَام فأبى، وتوجَّه إلى سرَّ من رأى، وبقي كتابُ "الحماسة" في خزائن أبي الوفاء، وكانوا لا يظهرونَه لأحدٍ ضنًّا به، حتَّى تغيَّرت أحوالُهم، فوردَ همذان رجلٌ من الدينور يعرف بأبي العواذل فظفرَ به، فحملَه إلى أصبهان، فاشتهر وشاعَ ذكرُه (٢).

وديوانه مشهورٌ منه: [من البسيط]

ستصبحُ العيسُ بي يا صاحِ عندَ فتى … كثيرِ ذكر الرِّضَا في ساعة الغضبِ

صدفتُ عنه فلم تَصْدِفْ مَودَّتُهُ … عنِّي وعاودَهُ ظنِّي فلم يخِب

كالغيثِ إنْ جئتَهُ وافاكَ صيِّبه … وإن تحمَّلتَ عنهُ كان في الطَّلَبِ (٣)

وقال: [من الخفيف]

رُبَّ خفضٍ تَحْتَ السُّرى وغَنَاءٍ … من عَنَاءٍ ونَضْرةٍ من شُحُوبِ

لستُ أُدلي بحُرْمةٍ مستزيدًا … في وِدادٍ منكم ولا في نَصيبِ

غيرَ أنَّ العليلَ ليسَ بمذمو … مٍ على شرحِ حالهِ للطبيب

لو رأينَا التوكيدَ خُطَّةَ عجزٍ … ما شَفَعْنَا الأذانَ بالتثويبِ (٤)

وقال: [من الكامل]

فكأنَّ قُسًّا في عُكَاظٍ يخطُب … وكأنَّ ليلى الأخيليَّة تَندُبُ


(١) في تاريخ دمشق: ماهان.
(٢) انظر مقدمة شرح الحماسة للتبريزي ١/ ٥.
(٣) ديوان أبي تمام ١/ ١٢١ - ١١٣.
(٤) ديوان أبي تمام ١/ ١١٩، ١٢٥ - ١٢٦.