للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و "السير" وغيرها، ولدَ سنة خمسين ومئة، ووليَ خراج غوطة دمشق للمأمون، وكان ثقةً.

مات بدمشق في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاثٍ، أو أربع وثلاثين ومئتين.

أسند عن الوليد بن مسلم، وخلقٍ كثير، ورَوى عنه أبو زُرعة الدمشقي -وذكره في أهل الفتوح (١) - وأحمد بن أبي الحَوَاري، وغيرهما، وأَجْمعوا على عدالتِه وديانتِه (٢).

[هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد]

ولد سنة تسعين ومئة -وقيل: سنة أربع وتسعين (٣) - بطريق مكَّة، وأمه قراطيس أم ولد، كان حسنَ السيرة، وإنَّما استولَى عليه أحمدُ بن أبي دؤاد، كما استولَى على أبيه، وحملَه على أن حملَ الناس على القولِ بخلق القرآن، وشدَّد عليهم في ذلك، فكرهوا أيَّامه.

وقال أحمد بن حمدون: دخلَ هارون بن زياد مؤدِّبُ الواثق على الواثق، فأكرمَه وأظهرَ من برِّه ما شُهِر به، فقيل له: من هذا الذي فعلتَ به ما فعلت؟ فقال: هذا أوَّلُ من فَتَقَ لساني بذكرِ الله، وأَدْنَاني من رحمة الله تعالى (٤).

وقال يحيى بن أكثم: ما أحسن أحدٌ من خلفاء بني العباس إلى آل أبي طالب ما أحسن إليهم الواثقُ، ما ماتَ وفيهم فقير (٥).

وقال محمد بن المهتدي: كنتُ أَمشي مع الواثقِ في صحن داره، فقال: يا محمد، ادعُ بدواةٍ وقِرْطاس، فدعوتُ له بهما، فقال: اكتب: [من الوافر]

تنحَّ عن القبيح ولا تُرِدهُ … ومَنْ أوليتَ إحسانًا فزِدْهُ

ستُكْفَى من عدوِّكَ كلَّ كيدٍ … إذا كادَ العدوُّ ولم تَكِدْهُ


(١) تاريخ أبي زرعة ١/ ٢٨٨.
(٢) انظر ترجمته في تاريخ دمشق ٦٢/ ٣٥٠، وسير أعلام النبلاء ١١/ ١٠٤، وغيرهما.
(٣) لم أقف على هذا القول. بل روي أن ولادته كانت سنة ست وتسعين. انظر تاريخ الطبري ٩/ ١٥١، وتاريخ بغداد ١٦/ ٢٣.
(٤) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٥، والمنتظم ١١/ ١٢٠.
(٥) تاريخ بغداد ١٦/ ٢٦.