للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو مثقوبُ الأذنين (١)، فقال الفضل بن موسى السِّيناني: يكونُ هذا رأسًا في الخير أو الشر. فكان في الخير.

وقال له عبدُ الله بن طاهر: ما معنى راهويه؟ فقال: وُلدَ أبي في طريق، فقالت المراوزة: راهوي، أي: وُلِد في الطريق.

وإسحاق أحدُ الأئمَّة، وعلمٌ من أعلام الدين، اجتمعَ له الحديثُ والفقهُ، والحفظُ والورعُ، والزهدُ والصِّدقُ. رحلَ إلى العراق، والحجاز، واليمن، والشام، وسمع بهذه الأماكن، ولقيَ الأئمَّة، وورد بغداد، وجالس الحفَّاظ بها، وعاد إلى خراسان وانتشرَ علمُه بها.

وقال: [أحفظ] (٢) سبعين ألف حديث كأنَّها نُصْبَ عيني، وقيل: مئة ألف حديث.

وكان الإمام أحمد يقول: ما أعرفُ لإسحاق بالعراق نظيرًا، ولم تر عيني مثله، ولا عبر الجسرَ مثلُه.

وما رُئي في يده كتابٌ قط، ما كان يحدِّثُ إلَّا من حفظه (٣).

وسُئِل عنه مرَّةً فقال: أُسأل عن إسحاق، إنما ينبغي أنْ يُسألَ إسحاق عني (٤).

وقال ابن داود الخفاف: أملى علينا إسحاق من حفظِه أحدَ عشر ألف حديث، ثم قرأها علينا، فما زادَ حرفًا، ولا نقصَ حرفًا.

وقال إسحاق: ما كتبتُ سوادًا في بياض إلى يومي هذا، ولا حدَّثني أحدٌ بحديثٍ فنسيتُه قط (٥)، وأحفظ أربعةَ آلاف حديث مزورة، فقيل: ما الفائدةُ فيها؟ فقال: إذا مرَّ


(١) كذا وردت الرواية في (خ) و (ف)، وتمام الخبر كما في تاريخ بغداد ٧/ ٣٦٥: عن علي بن إسحاق بن راهويه قال: ولد أبي من بطن أمِّه مثقوب الأذنين، قال: فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن موسى السيناني، فسأله عن ذلك، وقال ولد لي ولدٌ خرج من بطن أمه مثقوب الأذنين، فقال: يكون ....
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٧/ ٣٧١.
(٣) قوله: وما رئي في يده … من كلام أبي يحيى الشعراني. انظر تاريخ بغداد ٧/ ٣٧٤.
(٤) نص كلام الإمام أحمد -كما في تاريخ بغداد ٧/ ٣٦٨: من مثل إسحاق؟ مثل إسحاق يسأل عنه؟!.
(٥) قوله: ما كتبت سوادًا في بياض … إلى هنا هو من كلام الشعبي لا من كلام إسحاق بن راهويه، وقد حُدِّث به ابن إسحاق فقال: تعجب من هذا، كنت لا أسمع شيئًا إلا حفظته، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث. أو قال: أكثر من سبعين ألفًا في كتبي. انظر تاريخ بغداد ٧/ ٣٧١.