للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخامس: لأن النوم استراحة، والله تعالى لا يأخذه تعبٌ فيستريح؛ وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن سفيان الثوري، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله أينامُ أهل الجنة؟ قال: "لا، النوم أخو الموت" (١).

وقال الله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] السِّنَةُ: النوم الخفيف وهي النعاس؛ وقال الزجاج (٢): هي ريح تجيء من قبل الرأس لينة فتغشي العين، والوسنان بين النائم واليقظان.

فإن. قيل: فالملائكة لا تنام فقد شاركت الباري في هذه الحالة؟! فالجواب: أن الملائكة لا تنام ويجوز عليها النوم، والباري لا يجوز عليه ذلك.

فصل (٣)

والباري سبحانه ليس بجسم، وقالت الكَرَّامية: هو جسم إلا أنه لا يشبه الأجسام. واحتجوا بما ورد. من آيات الصفات كقوله تعالى: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [هود: ٣٧] وبأخبار الصفات ونحوها، ونحن نقول: الجسم محدود بالطول والعرض ونحوه، والباري ليس بمحدودٍ بالطُول والعرض، وأمّا الآيات والأخبار فمؤوَّلة بما يليق به سبحانه.

* * *


(١) أخرجه البزار (كشف الأستار ٣٥١٧)، والعقيلي في "الضعفاء"٢/ ٣٠٨، والطبراني في "الأوسط" (٩٢٣، ٨٨١١)، وابن عدي في "الكامل" ٤/ ١٥٣٣، وأبو نعيم في "الحلية" ٧/ ٩٠، وابن الجوزي في "العلل" (١٥٥٣، ١٥٥٤).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١٠/ ٤١٥ وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح.
وقال الرازي في "العلل" ٢/ ٢١٩: الصحيح عن ابن المنكدر عن النبي ، ليس فيه جابر.
وأخرجه العقيلي ٢/ ٣٠١ عن ابن المنكدر عن النبي مرسلًا.
(٢) هو إبراهيم بن السري، أبو إسحاق البغدادي، نحوي زمانه، من تصانيفه: "معاني القرآن" و"فعلت وأفعلت" (ت. ٣١ هـ). انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ١٤/ ٣٦٠.
(٣) انظر "كنز الدرر" ١/ ١٦.