للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر عبادته وخوفه:]

وقال صالح: كان أبي يصلِّي كلَّ يومٍ وليلةٍ ثلاث مئة ركعة، ويقومُ الليل، فلمَّا مرض من الأسواطِ التي ضُرِبها ضَعُفَ، فصار يصلِّي كلَّ يومٍ وليلةٍ خمسين ومئة ركعة، وكان قد بلغَ الثمانين أو قاربها، وكان كل يومٍ يقرأ سُبع القرآن، ويسردُ الصوم دائمًا.

وحَكى عنه المروذي (١) قال: كان يقول: الخوفُ يمنعُني من الطعام والشراب فما أشتهيه.

[قال:] وبال في مرض موته الدم، فحُمِل ماؤه إلى الطبيب، فقال: هذا ماء رجل قد فَتَّت [الخوفُ] كبدَه؟

وقال أبو [بكر] الخلَّال: لما استزارهُ المتوكِّل، [بعث إليه] (٢) مالًا فتصدَّق به، وسأله أن يحدِّث أولاده فحلفَ أن لا يحدِّثَ، ومرضَ فلم يحدث حتى مات. [والله أعلم بالصواب.]

ذكر وفاته:

[حكى الخطيب عن المرُّوذي قال:] مرض [أحمد] ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول [سنة إحدى وأربعين ومئتين] (٣) فلمَّا كان يوم الجمعة قبض في صدر النهار، وكان مرضُه تسعةَ أيَّام وبعضَ العاشر، وكانَ بعض ولدِ الفضل بن الربيع قد أعطاهُ وهو في الحبسِ ثلاثَ شعرات من شعر النبي ﷺ، فأوصى أنْ يجعل في كل عينٍ شعرة وعلى لسانه شعرة.

وبلغه أن طاوسًا كان يكره الأنين فما أنَّ الإمام أحمد إلَّا في الليلة التي مات فيها.

[وحدثنا غير واحد عن الفضل بن ناصر بإسناده إلى محمد بن عبد الله بن عمرويه قال: سمعت عبد الله بن الإمام أحمد قال:] لما حضرت أبي الوفاة جلست [عند رأسه وبيدي] (٤) الخرقة؛ لأشدَّ بها لَحيَيهِ (٥)، فجعل يغرقُ ثم يفيق، [ثم يفتح عينيه] ويقولُ


(١) في (خ) و (ف): المروزي والمثبت من (ب). وفي تاريخ دمشق ٢/ ١٥٥: المروروذي.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): دفع له المتوكل …
(٣) ما بين حاصرتين من (ب). وانظر مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٤٩٠.
(٤) في (خ) و (ف): جلست عنده ومعي.
(٥) في (خ) و (ف): لحيته.