للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أرض لا وباءَ بها، فوقع الطاعون من قابل، فخرج عامة أهلها فنزلوا بمكان أَفْيَح- أي: واسع- فلما حلُّوا بها واعتقدوا النجاةَ من الطاعون ناداهم مَلَكٌ من أعلى الوادي وآخر من أسفله: موتوا جميعًا فماتوا، فمرَّ بهم حزقيل فأحياهم (١).

وقال الضحاك ومقاتل: أمر بعض الملوك من بني إسرائيل بني إسرائيل بالجهاد، فخرجوا وعسكروا، ثم جبنوا وكرهوا الموت، فاعتلُّوا عليه وقالوا: الأرض التي نأتيها وبِئة، فأمهلْ حتى يرتفعَ الوبأ منها، فأرسل الله عليهم الموت، فقال ذلك الملك: اللهمَّ ربَّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، قد ترى معصيتهم لي، فأرهم آيةً في نفوسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك، فقال لهم الله: موتوا، عقوبةً لهم، فماتوا جميعًا ودوابهم وأروحوا ونتنوا، فخرج الناس إليهم فعجزوا عن دفنهم، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع وتركوهم فيها فأقاموا مدة طويلة، وقيل: سبعة أيام أو ثمانية.

واختلفوا في عددهم على أقوال:

أحدها: أنهم كانوا ثلاثة آلاف، قاله عطاء الخراساني.

والثاني: أربعة آلاف، قاله ابن عباس.

والثالث: ثمانية آلاف أو سبعة آلاف، قاله مقاتل.

والرابع: ثمانية آلاف، قاله الكلبي.

والخامس: ثلاثين ألفًا، قاله الحسن.

والسادس: أربعين ألفًا، قاله السدي.

والسابع: سبعين ألفًا، قاله عطاء.

والثامن: تسعين ألفًا، روي عن ابن عباس.

والأصحُّ أنهم كانوا زيادة على عشرة آلاف ولم يكونوا أقل منها لقوله تعالى: ﴿وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ [البقرة: ٢٤٣] وما دون العشرة لا يقال لهم ألوف، وإنما يقال ثلاثة


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٥٨٧.