للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشد قَوَّال بين يدي الحارث: [من مجزوء الرمل]

لم أكنْ يومَ خروجي … من بلادي بمصيبِ

أنَا في الغربةِ أبكي … ما بكتْ عينُ غريبِ

عجبي لي ولتركي … وطنًا فيه حبيبي

فقام الحارثُ وبكى وتواجد حتى رحمَه كلُّ من حضر (١).

وكان الحارثُ ينشد: [من مجزوء الكامل]

الخوفُ أولَى بالمسي … ءِ إذا تألَّه والحزنْ

والحبُّ يحسنُ بالتقيـ … يِ وبالنقيِّ من الدرنْ

والشوق للنجباء والـ … أبدال عند ذوي الفِطَنْ (٢)

ذكر وفاته:

قد حكى الخطيب أنه ماتَ متخفِّيًا، والأصحُّ خلافُه. وقال [جعفر ابن أخي أبي ثور:] (٣) حضرتُ وفاة الحارث ببغداد، فقال لنا: إن رأيتُ ما أحبُّ تبسَّمتُ إليكم، وإن لم أر ما أحبّ لم أتبسَّم، فلمَّا كان بعد ساعةٍ نظر إليه وتبسَّم.

حدَّثَ الحارثُ عن يزيد بن هارون وطبقته، وروى عنه أبو العباس بن مسروق الطُّوسيُّ وغيره.

وللحارث مصنَّفات في الزهد والأصول والديانات (٤)، والردِّ على المخالفين من المعتزلة والجهميَّة وأهل البدع، وكتبه كثيرةُ الفوائد، جمَّةُ المنافع.

ذكر أبو علي بن شاذان يومًا كتاب الحارث في الدِّماء فقال: على هذا الكتاب عَوَّل أصحابُنا في أمر الدماء (٥) التي جرت بين الصحابة.

[وفيها توفي]


(١) طبقات الصوفية ص ٦٠، ومناقب الأبرار ١/ ١٦٧.
(٢) تاريخ بغداد ٩/ ١٠٦.
(٣) في (ف): وقال ثور. وفي (خ) وقال … (بياض). والمثبت من تاريخ بغداد ٩/ ١١٠.
(٤) كذا في (خ) و (ف). وفي تاريخ بغداد ٩/ ١٠٥: وفي أصول الديانات.
(٥) في (خ) و (ف): في الدنيا. في الموضعين، وهو تصحيف. والتصويب من تاريخ بغداد.