للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الجنيد يقول: هو ريحانةُ أهل الشام.

واشتهر أحمد بصحبةِ أبي سليمان الدارانيّ، وروى عنه معظم كلامه وحكاياته، [وقد ذكرناه في ترجمة أبي سليمان] (١).

وله أيضًا الكلام الحسن والمجاهدات الكثيرة والواقعات العجيبة (٢).

[وروى أبو نعيم عن العباس بن حمزة (٣) قال: حدثنا أحمدُ بن أبي الحواري، قال: بينا أنا يومًا في بعض بلاد الشام في قبَّةٍ في مقبرة، إذا بحائط القبَّة يدقّ، فقلت: من هذا؟ قالت: امرأةٌ ضالَّةٌ، فدُلَّني (٤) على الطريق، قلت: عن أيِّ طريق تسألين؟ قالت: عن طريق النجاة، وبكت، فقلت: هيهات هيهات، إنَّ بيننا وبينها عقابًا لا تقطع إلَّا بالسير الحثيث، وتصحيح المعاملة، وقطع العلائق الشاغلة (٥)، [قال: فـ]، بكت بكاءً شديدًا، [ثم] قالت: يا أحمد، سبحان من أمسكَ عليك جوارحَك فلم تتقطع، وحفظَ عليك فؤادك فلم ينصدع، ثم غُشي عليها.

وكان هناك نساء، فقلت لبعضهنَّ: انظرن (٦) أي شيء حالُ هذه الجارية؟ فقمن إليها فحركنَها فإذا بها ميتة، وإذا في جيبها ورقةٌ، فقرأتُها، وإذا فيها مكتوب: كفنوني في أثوابي [هذه]، فإن كان (٧) لي عند الله خيرٌ فسيبدلني خيرًا منها، وإنْ كان غير ذلك فيا شقوتي.

وإذا بخدمٍ وجوارٍ حاسرات، فأحطنَ بها، فكشف النساء [عن] رؤوسهن والخدم عمائمهنّ، وستروها بها، فسألتُ بعضَ الخدم عنها، فقال: هذه بنتُ الملك، وهؤلاء أخواتها، [فـ] غلبَ عليها حبُّ الله تعالى، فخرجت على وجهها، ونحن نكونُ حولَها من بعيد، وقد امتنعَتْ من الطعام والشراب، فحملنا لها الأطباء، فتقول: [دعوني،


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) قوله: وله أيضًا … إلى هنا ليس في (ب).
(٣) كذا في (ب) -وما بين حاصرتين منها-، وفي حلية الأولياء ١٠/ ١١، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ٩١: عمر بن بحر.
(٤) في (خ) و (ف): تدلني، والمثبت من (ب).
(٥) بعدها في (خ) و (ف): عليه. وما بين حاصرتين من (ب).
(٦) في (ب): انظري.
(٧) في (خ) و (ف): يكن. والمثبت من (ب).