للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الفتح: فلمَّا ثقل قلت له: كيف تجدك؟ فقال:

وما لي سوى الإطراقِ والصمت حيلة … ووضعي على خدِّي يدي عندَ تذكارِي

وإن طرقتني عَبرةٌ بعد عَبرةٍ … تجرَّعتُها حتى إذا عِيلَ تصباري

أفضتُ دموعًا جمَّةً مستهِلَّة … أُطَفِّي بها حرًّا تضمَّن إضماري (١)

فيا مُنتهَى سؤلِ المحبِّين كلِّهم … أبحني محلَّ الأُنسِ مع كلِّ زواري

ولستُ أبالي فائتًا بعد فائتٍ … إذا كنتَ في الدارين يا واحدًا جاري (٢)

[ذكر وفاته:

واختلفوا في وفاته، فقال الخطيب: عن حيَّان بن أحمد السهمي قال:] (٣) ماتَ ذو النون بالجيزة، وحُمِل في مركبٍ حتى عدي به إلى الفُسطاط خوفًا عليه من زحمة الناس على الجسر، ودُفن في مقابر أهل المَعافر، وذلك [في] يوم الإثنين لليلتين خلتا من ذي القعدة [من سنة ستٍّ وأربعين ومئتين] (٤).

[وحكى عنه محمد بن زبَّان الحضرمي قال:] (٥) كنتُ واقفًا على كوم بالمعافر يوم مات [ذو النون]، فلمَّا أخرج [من القارب]، وحُمِلَ على أعناق الرجال، جاءت طيورٌ خضرٌ فاكتنفت الجنازةَ تُرفرفُ عليها، فلمَّا دُفن غابت في الأرض، فقال الحسن بن يحيى بن هلال:

ورأيتُ أعجبَ ما رأيتُ ولم أكن … من قبل ذاك رأيتُه لمُشَيَّعِ

طيرٌ تُرَفْرِفُ فوقَه وتَحُفُّه … حتى توارَى في حجابِ المضجعِ

وأظنُّها رسلَ الإله تنزَّلت … -والله أعلمُ- فوق ذاك الشرجعِ (٦)


(١) كذا في (خ) و (ف) وفي المصادر: أسراري.
(٢) تاريخ دمشق ٦/ ١٧٠ (مخطوط)، وصفة الصفوة ٤/ ٣٢٠ - ٣٢١. ومن قوله: قال الفتح بن شخرف إلى هنا ليس في (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال حسان بن أحمد الريمي.
(٤) تاريخ بغداد ٩/ ٣٧٨ وما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): هذه السنة.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال محمد بن زبان الحضرمي.
(٦) من قوله: فقال الحسن … إلى آخر الأبيات. ليس في (ب)، وما سلف بين حاصرتين منها. والشرجع: الجنازة. القاموس (شرجع).