للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتصر ما يحبُّون، فأسمعوه، فدخلَ إلى المنتصر فأبلغه، فخرج] (١) وبين يديه جماعة من المغاربة، وحملَ عليهم وصاح: يا كلاب، خذوهم، فانهزموا، ومات في الزحام منهم جماعة، ثمَّ بايع الناس.

وأوَّل من دخل عليه جعفرُ بن سليمان وهو قاضي القضاة، فقال له المنتصر: بايع، فقال: وأينَ أمير المؤمنين؟ فقال: قتلَه الفتحُ بن خاقان، قال: وما فُعِلَ بالفتح؟ قال: قتله بغا، قال: فأنتَ وليُّ الدم وصاحب الثأر، ثم بايعه.

وحضر الوزير عبيد الله بن [يحيى بن] خاقان فبايع، ثم نفاه المنتصر بعد ذلك إلى بغداد، وسبب نفيه أن عبيد الله والفتح صحَّ عندهما أنَّ المنتصرَ يريدُ قتل أبيه، فرتَّبا له من يقتلُه إذا خرج من داره، فلم يخرج حتى قُتِل المتوكِّل، فلمّا ولي المنتصر نفى عبيد الله إلى بغداد، وكتبَ إلى محمد بن عبد الله بن طاهر بحبسه والاحتراز عليه، ثمَّ نفاه بعد ذلك إلى مكَّة، وسنذكرُه إن شاء الله تعالى.

وأقام المنتصرُ بالجعفريَّةِ عشرةَ أيام، ثمَّ انتقلَ إلى سامرَّاء بعياله وأهله، فصالح المنتصرُ إخوتَه وأخواته من ميراثهم على أربعة آلاف ألف درهم (٢).

قال الصوليُّ: لمَّا حضروا للبيعة لم يبق خاصٌّ ولا عامّ إلَّا وجاء، فقرأ عليهم أحمد بن الخصيب كتابًا من المنتصر مضمونه أنَّ الفتحَ بن خاقان قتلَ المتوكِّلَ غيلةً، فقتله به.

وأحضرَ المنتصرُ إخوتَه المعتز والمؤيِّد، وعزَّاهما في أبيهما، وقال: شرق بالكأس فمات، وكتب كتابًا إلى بغداد بالبيعة، فبويعَ بعد بيعته بسامرَّاء يومَ السبت لسبعٍ خلون من شوال.

وقال عليُّ بن يحيى المُنَجِّم: جلسَ المنتصرُ بعد قتل أبيه في مجلسٍ فيه بساطٌ كبير، فيه دائرةٌ فيها مثال فرس، وعليه فارس راكب، وعلى رأسه تاج، وحول الدائرة كتابةٌ بالفارسية، وكان الندماء حولَ المنتصر، وعلى رأسه الموالي والقوَّاد، فنظرَ إلى تلك


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٩/ ٢٣٩، والمنتظم ١١/ ٣٥٤.
(٢) في المنتظم ١١/ ٣٥٤: أربعة عشر ألف ألف درهم.