للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدائرة والكتابة التي حولَها، فسأل بغا عن الكتابة، فقال: ما أدري ما هي، فقال لمن حضر من الندماء: اقرؤوها، فلم يتجاسر أحدٌ عليها، فقال المنتصر لوصيف: أحضر لي من يقرأ هذه الكتابة، فأحضر رجلًا فارسيًّا، فقرأها، فغضب، فقال له المنتصر: ما هي؟ فقال: يا أمير المؤمنين، بعضُ حماقات الفرس، قال: أخبرني، قال: ما له معنى، فألحَّ عليه وغضب وقال: لا بدَّ، فقال: يقولُ شيرويه بن كسرى بن هرمز: قَتَلْتُ أبي، فلم أمتَّع بالملكِ إلَّا ستةَ أشهر، فتغيَّر وجهُ المنتصر، وقام مُغْضَبًا إلى النساء، وتفرَّقَ القومُ، فلم يملك إلَّا ستةَ أشهر (١).

وقال محمد بن سهل الكاتب: قُتِل المتوكِّلُ على البساط، وكان ملوَّثًا بدمه، وقال المنتصر (٢): أحرقوه، ويحك يا بغا ويا وصيف، أما كان في الدنيا غير هذا البساط، فأحرقوه (٣).

[فصل:] وقال المسعوديُّ (٤): اسم [هذا] المكان الذي قُتِلَ فيه المتوكِّل الماحوزة (٥)، وفيه قَتلَ شيرويه أباه كسرى، ولمَّا انتقلَ المنتصر إلى سامرَّاء أمرَ بخراب القصر الذي بناه أبوه، ويسمى الجعفريّ، وكان المتوكِّلُ قد غرمَ عليه أموالًا عظيمةً.

وفيها أخرج المنتصرُ عليَّ بن المعتصم من سامرَّاء، ونفاه إلى بغداد، ووكَّل به من يحفظُه.

وبعدَ البيعةِ بيوم ولَّى المنتصرُ المظالمَ أبا عمرةَ أحمد بن سعيد مولى بني هاشم، فقال الشاعر: [من السريع]

يا ضيعةَ الإسلام لمَّا وَلي … مظالمَ الناس أبو عمرهْ

صُيِّر مأمونًا على أُمَّةٍ … وليسَ مأمونًا على بعرهْ


(١) تاريخ بغداد ٢/ ٤٨٥ - ٤٨٦، والمنتظم ١١/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٢) في مروج الذهب ٧/ ٢٩٣ أن الذي أمر بإحراق البساط وصيف وبغا.
(٣) من قوله في بداية الكلام عن خلافة المنتصر: وبويع يوم الأربعاء لأربع خلون … إلى هنا ليس في (ب).
(٤) في مروج الذهب ٧/ ٢٩٠.
(٥) في (خ) و (ف): الماحوز. وفي (ب): الماجور. وفي مروج الذهب والكامل ٧/ ١٠٥: الماخورة. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٢٣٩. وانظر معجم البلدان ٢/ ١٤٣.