للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر قصته]

حكى علماء السير كابن إسحاق والسُّدي والكلبي عن ابن عباس وغيره قالوا: لما قبض حِزقيل عظمت الأحداث في بني إسرائيل، وظهر فيهم الفساد، وعبدوا الأوثان، فبعث الله إليهم إلياس نبيًّا ورسولًا (١). وكانت الأنبياء من بني إسرائيل من بعد موسى يبعثون بتجديد التوراة وإحياء ما أماتوا منها.

وقال ابن إسحاق: بعث الله بين موسى وعيسى ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم، ولم يكن بينهم فترة، والكلُّ يدعون إلى أحكام التوراة (٢). ولهذا قال عيسى ﵇: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران: ٥٠] ولم يقل: "كلَّ الذي"؛ وبنو إسرائيل يومئذٍ متفرِّقون في الشام، وكان يوشع قد قسم الشام بينهم، فأنزل سبطًا منهم بأرض بعلبك ونواحيها، وإلياس منهم، وكان لهم ملك يقال له: بك، وله صنم يقال له: بعل، طوله عشرون ذراعًا، وله أربعة أوجه في عيونها اليواقيت، وكان الصنم من ذهب مرصَّعًا بالدرِّ والجواهر فنسب إليه، فقيل: بعل بك.

وقال الجوهري: وبعل اسم صنم كان لقوم إلياس ﵇، قال: وبعل بك اسم بلد، والقول فيه كالقول في سام أبرص، وقد ذكرناه في باب الصاد (٣). قلت: ذكر في باب الصاد وقال: وسام أبرص وهو من كبار الوزغ، وهو معرفة إلا أنه تعريف جنس، وهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا (٤).

وقال ابن عباس: وكان إلياس ابن عم اليسع، وقيل: عمه، وقال العلماء بأخبار العالم: كان اسم الملك أخب، وكان جبارًا يعبد الصنم ويحجه الناس من الأقطار. فلما بعث الله إلياس إليهم كذبوه إلّا ما كان من الملك أَخب فإنه آمن به وصدَّقه وجعله وزيرًا، فكان يرشده ويسدِّده، وكان لأَخب الملك امرأة يقال لها: أرزيل (٥)، فكان إذا


(١) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٤٦١.
(٢) انظر "المنتظم" ١/ ٣٨٣.
(٣) "الصحاح": (بعل).
(٤) انظر "الصحاح": (برص).
(٥) في (ب): أرزنيل، وفي الطبري ١/ ٤٦١: أحاب … أزبل، وفي عرائس المجالس: أخاب … أربيل.