للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطك، فقال: إن لم تمتني فأعطني ثأري من بني إسرائيل، قال: وما ذاك؟ قال: تمكنني من خزائن السماء سبع سنين، فلا يمطرون إلا بدعوتي وشفاعتي، فإنهم لا يذلُّهم سوى ذلك، فقال الله: أنا أرحمُ بخلقي وإن كانوا ظالمين، قال: فست سنين، فقال له مثل ذلك، إلى أن قال: فثلاث سنين، فأمسك المطر عنهم ثلاث سنين حتى هلكت الماشية والدواب والهوام ويبس الشجر، وكان ينقل إلى إلياس طائر سخَّره الله له طعامه وشرابه.

وقال ابن عباس: لما أصابهم القحط مرَّ إلياس بامرأة عجوز فقال لها: هل عندك من طعام؟ قالت: شيء من دقيق وزيت، فدعا لها بالبركة حتى ملأ جرابها دقيقًا وخوابيها زيتًا، فجاء الناس إليها وقالوا: من أين لك هذا؟ وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في بيت علموا أن إلياس قد اجتاز بهم، فلقي منهم أهل البيت شرًا لأن الطير كانت تأتيه بالخبز وكان معدومًا، فقالت: مرَّ بي رجل من حاله كذا وكذا، ووصفته فعرفوه، وقالوا: ذلك إلياس، فطلبوه فوجدوه، فهرب منهم. ثم آوى ليلة إلى بيت امرأة من بني إسرائيل لها زوج يقال له: اليسع بن أخطوب، به ضرٌّ وفاقة فآوته وأخفت أمره، فدعا له فعوفيَ من الضُرِّ الذي كان به، فآمن بإلياس وصدقه ولزمه، وكان إلياس قد كبر وأسنَّ، وكان اليسع غلامًا شابًّا. ثم أوحى الله إليه: يا إلياس، إنك قد أهلكت كثيرًا من الخلق ممن لم يعصِ اللهَ من البهائم والطير والدواب والهوام والشجر بحبس المطر عن بني إسرائيل.

فيزعمون أن إلياس قال: يا ربِّ، دعني أنا الذي أدعو لهم وآتيهم بالفرج لعلهم يرجعون عما هم عليه من عبادة غيرك، قال: نعم. فجاء إلياس إلى بني إسرائيل فقال لهم: إنكم قد جهدتم ومتم جوعًا، وهلكت البهائم والوحوش والأشجار بخطاياكم، وأنتم على باطل، فإن أحببتم أن تعلموا ذلك فأخرجوا أصنامكم هذه، فإن استجابت لكم فهو كما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على غرور، ودعوت الله ففرَّج عنكم ما أنتم فيه من البلاء، قالوا: أنصفت، فخرجوا بأوثانهم ودعوها فلم تستجب لهم، فقالوا لإلياس: فادع الله لنا، فدعا لهم إلياس ومعه اليسع فخرجت سحابة مثل الترس على ظهر البحر وهم ينظرون، فأقبلت نحوهم وطبَّقت الآفاق، وجاء الغيث،