للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَأْلَفًا لأهل الفضل والأدب (١)، أسند الحديث، ورَوى الأشعار، [وقد ذكرنا أخباره متفرِّقة في الكتاب، وهو الذي خلع المستعين في السنة الماضية، فما طال عمره.] (٢)

وقال الحسن بن وهب: كنَّا عند محمد بن عبد الله بن طاهر، فعرضَتْ سحابةٌ، فأرعدت وأبرقَتْ ومَطَرَتْ، فقلت: [من الخفيف]

هطلَتنا السماء هطلًا دِرَاكًا … عَارَضَ المَرْزبانُ فيها السِّماكَا

قلتُ للبرق إذ توقَّد فيها … يا زنادَ السَّماء من أوراكَا

أحبيبٌ أحببتَه فجفاكا … فهو العارِضُ الذي استبكاكَا

أم تشبَّهتَ بالأمير أبي العـ … ـباس في جودِه فلستَ هناكَا (٣)

[ذكر طرف من أخباره:

قال الصولي:] وكتب ابنُ طاهر إلى جاريةٍ له فقال: [من البسيط]

ماذا تقولين فيمن شفَّه سَقَمٌ … من جَهْدِ حبِّك حتى صار حيرانَا

فأجابته [تقول:]

إذا رأينا مُحِبًّا قد أضرَّ به … جهدُ الصبابةِ أوليناهُ إحسانَا (٤)

وجلسَ ابنُ طاهر يومًا، ومعه الحسنُ بن محمَّد بن طالوت، فقال ابنُ طاهر: نحتاجُ إلى ثالثٍ نَأْنسُ به، فقال له الحسن: هاهنا ماني الموسوس، فإنَّه ظريفٌ لطيف، يُحتمَلُ ما يبدو منه لظرفِه، فأرسلَ خلفَه، فوجدَه في خراب كَرْخِ بغداد، يأوي دائمًا إلى خربة هناك، فجاء به إلى دار ابن طاهر، فدخلَ فسلَّم فأحسن، وردَّ عليه ابنُ طاهر وقال: قد آنَ لك أن تزورنا يا ماني على شوقنا إليك، فقال: يا سيدي، أمَّا الشوق فشديد، وأما الودُّ فحميد (٥)، والبوَّابُ فظٌّ عتيد، ولو سهلَ لنا الحجابُ الغليظ، لهانت علينا الزيارة، فقال محمَّد للحسن: ما أحسنَ ما أتى به من العذر في تأخير الزيارة، ثُمَّ


(١) تاريخ بغداد ٣/ ٤٢١.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) من قوله: وقال الحسن بن وهب. . . إلى هنا. ليست في (ب). وانظر الخبر في تاريخ بغداد ٣/ ٤٢٢، المنتظم ١٢/ ٦٨ - ٦٩.
(٤) تاريخ بغداد ٣/ ٤٢٤، والمنتظم ١٢/ ٦٩ - ٧٠. وما سلف بين حاصرتين من (ب).
(٥) كذا في (خ) و (ف). وفي الأغاني ٢٣/ ١٨٤، ومروج الذهب ٧/ ٣٨٦: والودُّ عتيد.